14 سبتمبر 2025

تسجيل

وقفة هادئة أمام فوضى التفجيرات

25 يناير 2014

أخبار التفجيرات المتكررة في لبنان على وشك أن تدرج في خانة الأخبار الاعتيادية على شاشات التلفزة وصدر الصفحات الأولى للجرائد الورقية والإلكترونية كحال حوادث الطرق التي حصدت 560 قتيلا و4300 جريح في العام 2013 فقط وفقا لأرقام وزارة الداخلية. لم يصل عدد ضحايا التفجيرات إلى مثل هذا الرقم وندعو الله ألا يصل يوما لعشر عشره، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سنستمر في نفس السياسات الخاطئة التي أوردت لبنان المهالك منذ تأسيسه والتي بلغت ذروتها بانفجار الحرب الأهلية لعقد ونصف؟.لا شك أن المستهدف من التفجيرات المتكررة هي البيئة الحاضنة لحزب الله، ولا شك أن من يقوم بهذه التفجيرات هي جبهة النصرة وأخواتها ممن يندرج تحت خلايا القاعدة، وهي تعلن ذلك على أي حال وقد كفتنا مؤنة ومشقة البحث عن الفاعل المباشر! ولا شك أن السبب المباشر وغير المباشر لهذه التفجيرات هو قتال حزب الله في سوريا وحمايته النظام السوري من السقوط إلى جانب لواء أبو الفضل العباس العراقي. ويكفي أن تقرأ تقريرا واحدا صادرا من مراكز الدراسات الجادة والمحايدة للنزاعات الأهلية في العالم لتدرك حجم التورط المذهبي والطائفي الذي انتهى إليه المشهد السوري بدخول روافد خارجية من هنا وهناك للقتال إلى جانب المعارضة والنظام. هل يكفي أن نقف عند حد وصف العمليات الانتحارية التي تضرب لبنان بالإرهاب؟ وهي الموضة الرائجة اليوم في سوق السلع السياسية عند كل تاجر يروج لبيع بضاعته الكاسدة؟ نعم هي أعمال إرهابية، دون أدنى شك وبكل المقاييس، لأنها لا تفرق بين مدني وعسكري، وأغلب من يسقط فيها هم أناس أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل، ولبنان كله متضرر من هذه العمليات التي تعكس رغبة منفذيها في جذب لبنان شيئا فشيئا إلى المستنقع السوري.وإذا كان هذا الفعل من شأن جماعات لا تدرك الأبعاد الخطيرة لأفعالها نتيجة مراهقتها السياسية، واختراق أجهزة استخبارات إقليمية ودولية لها، فهل من السدادة السياسية أن نتجاهل الأسباب الحقيقية التي تترك أبواب الملعب مفتوحا لكل من يرغب باللعب على الأرض اللبنانية؟حزب الله شئنا أم أبينا هو مكون أساسي من مكونات لبنان الطائفية والاجتماعية والسياسية، وخصوم الحزب يدركون قبل أنصاره أن من المستحيل استئصال الحزب أو إضعافه بموقف سياسي بارد، فالحزب في واقع الحال يعكس تطلعات بيئة طائفة كاملة.لكن الحزب، حاله كحال القوى السياسية الأخرى، يرفض أن يتراجع بضعة خطوات إلى الوراء للاعتراف بأن هذه العمليات الإرهابية ليست إلا انعكاسا لتركيبة سياسية عوجاء حولت لبنان إلى جزر مذهبية وطائفية متباعدة، وأن الحل لا يكون بوجود دولة داخل الدولة أو التستر بالطائفة الشيعية الكريمة للقول إن الشعب اللبناني يؤيد الحزب في كل توجهاته الداخلية والخارجية. وهو أمر لطالما كررته أحزاب يمينية في طوائف أخرى.حزب الله يتجه اليوم ليعكس، كحال غيره من الأحزاب، زعامة طائفة ومصادرة أي رأي مخالف داخلها. بمعنى آخر فقد انخرط حزب الله في نفس المنظومة "السيستام" التي كان ينتقد الأحزاب اللبنانية عليها.. زعماء طوائف يحكمون مزارع، وسيفشل من حيث فشلوا ولو بعد حين.نقطة الانطلاق لحماية لبنان وشعبه المسكين وطوائفه من موجات الإرهاب والقتل ليس بتكريس مصطلح "الإرهاب" في جداول الإعلام المتدفقة، وهو أمر انتهجه النظام السوري منذ ثلاث سنوات، وما زال يكرره، إلا أن شيئا لم يتغير، بل زادت الأمور سوءا وهو أدرى قبل غيره بالأسباب! فهل تريد الأحزاب اللبنانية أن تكرر نفس الخطأ وأن تدفن رؤوسها في الرمال، متجاهلة الأسباب الحقيقية لهذا الإرهاب.السبب الحقيقي يا سادة هو إصرار الكل أو البعض على أن يكون هو الدولة أو دولة داخل الدولة أو أن يقود الدولة بعيدا عن الشراكة كما كانت مشكلة الأحزاب التي حكمت لبنان انطلاقا من كميل شمعون وصولا إلى ما نحن فيه.. لبنان للجميع وهويته يعكسها المواطن البسيط الباحث عن حياة كريمة له ولعائلته ولأطفاله، الرافض لأي تبعية إقليمية سواء كانت جهة إقليمية أو دولية.. فمتى نعي الدرس؟