22 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تقتلوا الثورة الليبية

25 يناير 2012

في مقال سابق وبعد نجاح الثورة الليبية في إسقاط نظام الدكتاتور الراحل معمر القذافي حذرت الثوار من خطر قيام حرب بين الثوار وتمنيت أن يكون الثوار في يقظة وحذر ليس من فلول القذافي وإنما من أنفسهم "لأن الثورة تأكل أبناءها" كما كان عنوان ذلك المقال. اليوم أكرر هذا التحذير وبشدة بعد أن تناقلت وسائل الإعلام أن قتالاً شرساً يجري حالياً بين من يقول الثوار إنهم موالون للقذافي وبين ثوار بني وليد فقد أكد قائد ثوار مدينة بني وليد امبارك الفطماني قبل أمس أن ثوار المدينة يتعرضون للإبادة من قبل مؤيدي النظام السابق بعد أن تمكن مناصرو القذافي من السيطرة عليها ورفعوا فوق مرافقها الاعلام الخضراء التي ترمز إلى النظام السابق. ونقلت صحيفة قورينا عن الفطماني قوله إن الثوار يدكون حالياً بأسلحة الرشاشات الثقيلة من 23 و50 و14 وقاذفات الآر.بي.جي والصواريخ الحرارية وغيرها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وحمّل المجلس الانتقالي المسؤولية الكاملة على ما يحدث في المدينة باعتباره لم يقم بإرسال قوات وعد بها لمساندة ثوار المدينة بعد المشكلة الأخيرة التي قتل فيها ثوار من منطقة سوق الجمعة. ما ذكره السيد الفطماني يحمل الكثير من الأخطار على الثورة ليس من فلول القذافي كما يذكر وإنما من الثوار أنفسهم لأن فلول القذافي لا يمكن أن تشكل خطراً على الثورة لأن رحيل الدكتاتور ترحل معه فلوله وترحل معه سيرته وترحل معه كل بقاياه ويرحل معه كل من سانده ويساند في الماضي لأن من كان يقف معه لم يقف مع فكر يدافع عنه ولم يقف مع نظرية يناضل من أجلها ولم يقف مع موقف وطني وقومي يضحي من أجله لأن حاكماً دكتاتورياً لا يهتم إلا بنفسه ولا يعمل إلا لشخصه، لهذا لن يدافع عنه أحد بعد رحيله أو سقوطه تماماً كما حدث للرئيس المخلوع حسني مبارك.. فبعد سقوطه تبخر الحزب الوطني الذي يرأسه وأصبح هذا الحزب الذي كان يملأ الفضاء المصري بالضجيج الإعلامي وها هو مثل فقاعة الصابون انفجرت وتبخرت.. لهذا أستطيع القول وربما أكون مخطئاً أن القتال الدائر الآن بين الثوار أنفسهم من أجل تحقيق المكاسب لكل فئة حاربت وقاتلت نظام القذافي أو أنه قتال بين من حصل على الغنائم والذين تجاهلهم الثوار وتجاهلهم المجلس الانتقالي كما حدث في بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية ومهد الثورة عندما تم إهمال هذه المدينة وإهمال الثوار ونتيجة هذا الإهمال اقتحم حشد يطالب باستقالة الحكومة مقر المجلس الوطني الانتقالي وهشموا نوافذ المبنى وظل مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس محاصراً داخل المبنى عدة ساعات. وهذه الحادثة تشير إلى أن الثورة الليبية بخطر وأن الثوار بدلاً من تحقيق أهداف في تحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية انغمسوا في اقتسام مغانم الثورة وبدأ الاقتتال بين هؤلاء الثوار، وهذا ما حذرنا منه مراراً وتكراراً. لهذا نجدد مرة أخرى التحذير من حرب أهلية، حذر منها السيد مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي وهو محق تماماً، لأن نذر مثل هذه الحرب بدأت تلوح في الأفق وإذا حدثت - لا سمح الله - فإنها ستأكل الأخضر واليابس في الشقيقة ليبيا، لهذا نقول للأشقاء الليبيين.. لا تقتلوا الثورة الليبية.