16 سبتمبر 2025
تسجيلاختارت قناة الجزيرة الفضائية عنوان "كشف المستور" للوثائق التي حصلت عليها حول المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني وكان هذا العنوان مثار جدل بين العديد من المفكرين والسياسيين والبعض قال: يجب على القناة أن تضع عنوان "كشف التآمر". وأعتقد أن عنوان "كشف التآمر" هو العنوان الصحيح لمضمون هذه الوثائق لأنها تضمنت التنازل عن الثوابت الفلسطينية بل إنها ذهبت إلى تصفية القضية من خلال ما ورد بهذه الوثائق، خاصة القدس المحتلة واللاجئين والمستوطنات ولا أريد هنا الخوض في تفاصيل هذه الوثائق التي بلغ عددها 1600 وثيقة ولكن الأبرز والأخطر هو تنازل السلطة عن القدس بأرضها وتاريخها ومكانتها، فالقدس هي كل لا يتجزأ مهما حاول هؤلاء المتفاوضون التلاعب بالألفاظ أو العبارات لأن هذه الأساليب والمناورات لن تغير التاريخ أو الجغرافيا أو تمسح قدسية هذه المدينة المقدسة والتنازل أو بيع أي قطعة أو ذرة تراب من القدس هو "تآمر" على المقدسات وعلى القضية الفلسطينية. أما ما جاء في هذه الوثائق عن اللاجئين الفلسطينيين وقبول السلطة بعودة 5000 لاجئ فقط، فإن هذا "تآمر" أيضاً على حق العودة الذي أقرته كل القرارات الدولية والقرارات العربية، فعودة هذا العدد القليل من اللاجئين البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين يعني أن السلطة "باعت" هؤلاء اللاجئين بأبخس الأثمان وحرمتهم من حقهم في العودة وحرمتهم من حقوقهم المشروعة في أرضهم. ولعل "التآمر" الذي انكشف أيضاً موافقة السلطة على بقاء المستوطنات الصهيونية فوق الأرض الفلسطينية ما عدا مستوطنة "جبل أبوغنيم"، وذلك يجعل هذا التآمر مخزياً ومخجلاً لأن السلطة تدعي أنها أوقفت المفاوضات مع العدو الصهيوني بسبب استمرار العدو في بناء المستوطنات وأن بقاء هذه المستوطنات غير الشرعية كما تدعي السلطة يقف عائقاً أمام أي عملية سلام مما ينزع عن هذه السلطة المصداقية ويؤكد أنها "تتآمر" على القضية الفلسطينية، وبالتالي فإنها أيضا تعطي الضوء الأخضر للإدارة الأمريكية أن توقف مطالبتها للعدو الصهيوني بتجميد الاستيطان والآن وبعد وثائق "كشف التآمر" أدركنا لماذا لم تضغط الإدارة الأمريكية على العدو الصهيوني بتجميد الاستيطان لأن هذه الإدارة تعلم أن السلطة موافقة على الاستيطان، فكيف يمكن للإدارة الأمريكية أن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين أو عربية أكثر من العرب؟!! ومما يؤكد أن هذه الوثائق هي وثائق "تآمر" هي تلك الحالة الهستيرية التي ظهر فيها ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية عندما ادعى أن هذه الوثائق غير دقيقة وغير مكتملة وأنها أكبر عملية تهريج سياسي ولا ندري من هو المهرج السياسي، هل من يضع هذه الوثائق بلونها وشكلها وختمها وعنوانها ومضمونها من دون تحريف أو تشويه والسيد عبد ربه يعرف أكثر من غيره أنها وثائق صحيحة وموثقة بل يعرف جيداً أنها أقل "تآمراً" من أدواره المعروفة و "تآمره" في وثيقة جنيف التي "تتآمر" على القضية الفلسطينية أكثر من "تآمر" هذه الوثائق. السيد عبد ربه يعرف جيداً أن "تآمره" أخطر بكثير من تآمر غيره من السلطة الفلسطينية على القضية الفلسطينية فإذا كشفت هذه الوثائق "تآمر" السلطة فإن "تآمر" عبد ربه في وثيقة جنيف أخطر ولكن السؤال المهم من فوّض هؤلاء "للتآمر" على القضية الفلسطينية؟ هم يقولون أي السلطة ومعهم عبد ربه إن الشعب الفلسطيني اختارهم وهم يمثلون هذا الشعب الآن وبعد "كشف التآمر" ماذا سيقول الشعب الفلسطيني؟!!