17 سبتمبر 2025

تسجيل

الشهرة تقصم الظهر

24 ديسمبر 2015

توقف قليلا وراجع حركتك، هل أنت ممن يبحثون ويجرون ويلهثون وراء الشهرة وحب الظهور والتصدّر وأنا وأنا، ثم انطلق بعد ذلك في رحاب ميادين الحياة الواسعة بمسؤولية والحذر في أن تقع بشباك الشهرة الأخّاذ. وقد نبهنا أعلام الأمة قدواتنا -رحمهم الله-ونعم القدوات- من هذا السير الخاطئ الذي يقصم ظهر من يمضي فيه ويشوّه صورتك الجميلة، ويقضي على قيمة الاعتدال في كل شيء وهذا التنبيه والتحذير لم يأت من فراغ وترف منهم رحمهم الله في الأقوال، وإنما عن معرفة ودراية تامة لما في هذا المسار من تأثير قوي وجذاب على الإنسان في حركة حياته إذا كان همه الأول والأخير هو حب الظهور والبروز مع كل قص شريط لحدث ما، فهذا الإمام سفيان الثوري رحمه الله يقول "إياك والشهرة، فما أتيتُ أحداً إلا وقد نهى عن الشهرة "، وهذا الإمام إبراهيم بن أدهم رحمه الله يقول "ما صدق الله عبد أحب الشهرة"، وتوقف كثيرا عند قول بشر بن الحارث رحمه الله "إذا عرفت في موضع فاهرب منه، وإذا رأيت الرجل إذا اجتمعوا إليه في موضع لزمه، واشتهى ذلك فهو يحب الشهرة"، فأين هذا كله من فئات في مجتمعاتنا-ولا نعمم- غلبهم حب الشهرة والظهور والتهافت عليهما في كل موقف وحدث؟، وخاصة الآن مع ظهور الفضائيات وميدان الإعلام الواسع ووجود مواقع التواصل الاجتماعي بأسمائها المتنوعة والجذابة والفتانة بكل المقاييس، وكذلك بريق المناصب الذي يأتي بالشهرة من أوسع أبوابها ولها أضواء عجيبة وتأثير غريب.ومع ذلك لم يقل أحد لا تظهر ولا تكن بين الناس ولا تشاركهم في حركة حياتهم، ولكن كن في الحياة وفق تخصصك وفنك والمجال الذي تبدع فيه بالقدرات والمهارات والمواهب والإمكانات التي تمتلكها، فمجتمعاتنا تريد من يشارك مجتمعه وأمته والإنسانية مشاركة فاعلة ومنضبطة، لإيصال الخير والنفع للناس، فقط وهو يمشي في حركة الحياة عليه أن يلزم دينه والأخلاقيات التي دعا إليها، ولا يتنازل عن الثوابت والمبادئ والقيم التي تعلمها وسار عليها ونادى بها، فهذا هو السعيد والكيس الفطن عندما تأتيه الشهرة كيف يتعامل معها. ولتتأمل ولنقف كثيراً ونضع أنفسنا ونحرك تفكيرنا عند العلم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إمام أهل السنة والجماعة فسنتغير ونراجع حركة حياتنا إذ يقول لنا ويرشدنا "من بُلِي بالشهرة لم يأمن أن يفتنوه، إني لأُفكِّرُ في بدء أمري؛ طلبتُ الحديث وأنا ابن ست عشرة سنة". فالتوازن والاعتدال وكسر ما في النفس في هذا الأمر مطلوب، فما من أحد تحرك قلبه وعقله أو حام حولها وسعى لها إلا وأهلكته وأتعبته وأزته الشهرة أزاً، وتحمله على أن يبرر كل موقف وعمل وحركة يوصله إليها ويتفلسف."ومضة "قال أبو بكر بن عياش -رحمه الله- "أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر المنطق الشهرة، وكفى بها بلية" فتأمل!.