16 سبتمبر 2025

تسجيل

تبيع بكام ؟

24 ديسمبر 2012

تبيع (عنيك) بكام؟ مليون ريال؟ لأ، بثلالة؟ لأ، إيه رأيك في عشرة ملايين؟ برضه لأ، طيب بكم تبيع قدميك؟ أو وحيدك، أو حاسة سمعك أو شمك؟ بكم تبيع جهاز تنفسك؟ أو جهاز هضمك؟ عايز كام في أي عضو أو حاسة؟ آمر، اطلب، أراك لا ترد، إذن أنت مقتنع إلى حد اليقين بأنك أغنى بما تملك، وبأن المعروض عليك من ملايين لا يساوي شيئاً أمام ممتلكاتك الغالية من أعضاء عديدة تمكنك من النظر، والسمع، والمشي، والشم، والتنفس، وابتلاع ما تأكل، وهنا أسأل: هل نقدر حقيقة ما نملك؟ هل نشكر لله ما نحن فيه من نعم حرم غيرنا منها ليصبح ضرباً من الخيال أن نساوم عليها (لبيعها)؟ الحقيقة أننا لا نشكر، فكم مرت بنا ضوائق أعمتنا عن الشكر، وكم صادفتنا ابتلاءات حجبت عنا تقدير ما نحن فيه من نعم لا تقدر بثمن، أي ثمن! دائماً أبداً نفكر فيما ينقصنا لا ما في أيدينا، بل إن القلق والخوف من الآتي طالما أحرق جذور أعصابنا ودمر صلابتنا إذا ما بارت بضاعتنا، أو ضاعت أموالنا، أو كسرتنا البورصة، أو تعرضنا لما نكره فتفاقمت ديوننا، وادبر اليسر ليحتل العسر مكانه وانشغلنا حتى عن التفكير، بما يخرجنا مما نحن فيه بالألم، كثيرون منا تعرضوا لهزات مزلزلة فاستسلموا لقوة الضربة فلم يتماسكوا بل انفرط كل ما فيهم، وتكسر حاجز صد الهموم بأرواحهم، ربما غير عارفين بأن كل ما ذهب يمكن أن يعوض وأن بعد العسرين يسرا، وإننا جميعاً نملك الملايين بالقدرة على النظر، والمشي، والتذوق، والتنفس، وواثقة أنا الآن لو أنني أعدت سؤالك بكم تبيع عينيك لقلت ولا بملايين العالم، ربما لأنك فكرت للحظة في حالك وأنت تدور في ظلام دامس معزولاً عن حركة الكون تحتاج إلى من يأخذ بيديك مع كل خطوة، مع كل حركة، وفي وقت ينشغل فيه ناس الكون بهمومهم وربما لا وقت لديهم للاعتناء بأنفسهم فكيف وأنت هم مضاف لهمومهم؟ ستوقن حتماً الآن أنك ستعذب ألف مرة وأنت تحتاج إلى من ييسر لك حياة الظلام دون أن تجده، وسيعز عليك جداً أن تنادي فلا يسمعك أحد، باختصار أن تبصر النور، وتتحرك، وتمشي، وتتنفس ثروة لا تقدر بثمن، يعني كلنا مليونيرات والغريبة مش عارفين!! جميل أن نحسب في نهايات الأعوام ثرواتنا التي تفوق كل ما جمعته الجبال من الماس، وكل ما حوته خزائن الأرض من ذهب لنتصدق دفعاً للبلاء ولو بكلمة طيبة. • طبقات فوق الهمس • دخلت أحد مراكز التسوق فهالتني الاستعدادات المهولة والتحضيرات والمعروضات احتفالاً برأس السنة، الغريب أن المتسوقين كانوا منا، من الذين إذا دخل غيرهم جحر ضب تبعوهم وهم لا يدرون حتى الآن أننا في شهر صفر من السنة الهجرية الجديدة، (مالهم وطلع البدر علينا) عايزين فرفشة، أيوه فرفشة وسهرة حتى صياح الديك فيها حاجة دي؟! • نسهو فيذكرنا مذكر، نبتعد فيقربنا واعظ، وقد نفرط فيرجعنا إلى الجادة صوت حق، تابعت فضيلة الداعية الشيخ محمد بن محمد المهدي وهو يتحدث في خطبة الجمعة عن حسرات يوم القيامة وينبه إلى أن الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه حذر من الغفلة وهو يقول (ما جلس قوم مجلساً لا يذكرون الله فيه ولا يصلون على نبيهم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة) لأن الغفلة يتبعها التفريط وصاحب السوء لا يرضى إلا أن يبعدك عن طاعة الله وذكره.. هذه الكلمات الطيبة نهديها للذين يحضرون من الآن لسهرة رأس السنة لعل وعسى. • وأنت تنزع آخر ورقة من أوراق الرزنامة قد تسرح قليلاً في عمرك الذي ركض، وربما يكون سرحانك مثمراً أكثر من شهور طويلة ركضت منك وأنت تدور كما أنت مربوطاً في ساقية الحياة همك ما تجمع، وتوفر، وتبني، وتستثمر، همك مشاريعك دون أن تسأل مركبك الذي يمخر عباب العمر إلى أين أمضي؟ وإلى أي مآل أسير؟ (مش فاضي) تسأل وأنت المغمور بالانشغالات التي لا تحصى، وقد تخالف الركض فتقف للحظة لتسأل (أنا على فين رايح) لتعرف أنك المغبون الذي ما كان جل همه إلا يومه! قد تسأل ماذا تركت لأولادك من ضمانة بعدك؟ مال كثير؟ ومنذ متى كان المال هو الحماية، والضمانة، والأمان؟ ألم تزلزل الوفرة فلذات أكباد كثيرين فضيعتهم؟ كثيرون تركوا بعد ركض الأعوام مالاً كثيراً لكنهم في ذات الوقت تركوا ذرية فقيرة الدين والخلق والأمثلة كثيرة فضاع الذي جُمع كله، البعض تداركته الرحمة فصحح واستفاق وكثيرون هزوا أكتافهم فلم يعيروا ذلك الخاطر الذي برق في سؤال آخر العام أدنى أهمية إذ المهم جمع المال وتوريثه، ليس مهماً المآل، ولا ما يفعل المال بالعيال دون استرشاد بنفوس مضيئة وضيئة، المهم المال ثم المال ثم المآل، وليرحم الله العيال! • في لحظة سرحانك وقد خلت الرزنامة من أوراقها قد تفكر في حالك مع الناس لتتجلى دروس الحياة التي علمتك أنك يمكن أن تكون فقير المال لكنك غني جداً بقلوب اخوان صدقوا في مودتك، وقد تفطن إلى أن المحبة ليست (دحلبة) وكلاماً جميلاً يقال، إنما هي مشاعر ضافية تبذل بسخاء لا يقدره إلا كريم، وقد تعرف أن الأصيل الأصيل هو ذلك الذي قد يغيب وقد أفرغت سلال الأيام بين يديك من الخير الكثير سعادة، وأفراحاً، واكتفاء، ورخاء بينما هو الموجود أبداً يوم تهزمك دمعة، أو يوجعك هم، أو يؤلمك كرب، أو يسورك حزن، وقد تراجع سلوكك في نهايات الأعوام فتتذكر أنك تعاليت على اعتذار وجب، أو تغاضيت عن رفقة صديق عنك ابتعد ولم تسع لاسترجاعه وقد حمدت له مواقف عديدة، قد تراجع سلوكك مع أصدقائك الخُلص لتستبين أنك جرحتهم بمواقف صعبة، أو كلمات تفلتت دون قصد احتملوها كارهين ليس لذلة فيهم، ولا لكرامة تنقصهم، وإنما وفاءً لعشرة العمر وصوناً للعيش والملح، في نهايات الأعوام وحساباتها قد تنتبه لآلام رفقتك الطيبة فتضمد، وتعتذر، تعترف بتقصيرك، وترد على الود الصافي بما يليق به، وقد تعترف بينك وبين نفسك بأنك تمتلك كنوزاً بالأوفياء لا تتكرر. • في نهاية العام أضف إلى رزنامتك الجديدة ما تعلمه الأيام لنا.. • كل ما ينطلق لا يمكن إرجاعه! هل يدعونا ذلك إلى لجم ألسنتنا التي لن يوردنا المهالك إلا هي. • تأكد، قدر قيمتك سيوجه النقد لك. • الذين يهتمون بسمعتهم جداً يعلمون جيداً أنها ستكون ميراثاً لأولادهم قبل الدرهم والدينار. • لا تدهش عندما يتخلى عنك كل الذين توقعتهم سنداً ورفداً، بينما يحتويك من لم تتوقع منه مروءة قط، إنها مفاجآت الأيام والأعوام! • تعلم ألا تعطي أذنك لنمام يسعى بالقطيعة فقد يفسد عليك مروءتك وصلاتك، وصداقاتك، ويوقعك في إثم الاستماع إليه. • قد يستغل البعض طيبتك بادعاء المحبة والتودد المبالغ فيه، كن فطناً واعلم أن لهذا الصنف منافعه التي يجنيها من تقربه إليك. • افرح بكل صديق تضمه الأيام لصحبتك لأنه زهرة تهدى لك، رغم بستان الحياة القاحل. • أشجان الوطن • هل آن أن يسكت المتنطعون، والكاذبون، والمزايدون، والراقصون على كل حبل، والمهرجون، والمنافقون، والبائعون أوطانهم، والبلطجية المأجورون بعد أن صدر دستور مصر وقال الشعب كلمته، هل آن لجبهة (الإفلاس الوطني) أن تأكل لسانها وتسكت ليتنفس الوطن الذي قتلوه دون أدنى رحمة. • يا عامنا الجديد شبعنا جراحاً.. نريد أمناً، وسلاماً، ومحبة.