21 سبتمبر 2025
تسجيليخطئ من يظن أو يعتقد أن الاحتلال الأمريكي للعراق قد انتهى وأن القوات الأمريكية الغازية انسحبت من العراق، فالاحتلال لا يزال جاثماً على صدور الشعب العراقي ممثلاً بهؤلاء العملاء والخونة الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الأمريكية ونصبهم هذا الاحتلال حكاماً للعراق، وها هم على رأس السلطة في العراق مما يعني أن القوات الغازية انسحبت، لكن مخلفات وآثار هذه القوات لا تزال موجودة في بلاد الرافدين. ويخطئ أيضاً من يظن أو يعتقد أن المشروع الذي جاءت به هذه القوات وغزت واحتلت القوات البريطانية والأمريكية العراق قد انتهى بانسحاب هذه القوات، فمشروع الأوسط الجديد الذي غزت واحتلت الإدارة الأمريكية بموجبه العراق لا يزال ينفذ على أرض الواقع بالأدوات التي رسمتها الإدارة الأمريكية ومن خلال هذه القوى العميلة التي تحكم العراق وفق الرؤية الأمريكية التي تستند إلى المحاصصة الطائفية، فمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد الذي بشر به المجرم جورج بوش الابن يعتمد على اذكاء النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية والقومية لأن هذا الأسلوب الاستعماري الجديد هو الكفيل بتقسيم المقسم وتفتيت المفتت في الوطن العربي وهذا الأسلوب هو ما يترجمه الآن عملاء الاحتلال الذين يحكمون العراق الآن، فنجد منهم من يمثل الطائفة الشيعية ويجاهر بذلك ومنهم من يمثل الطائفة السنية ويجاهر بذلك ومنهم من يمثل القومية الكردية ويجاهر بذلك ومنهم من يمثل القومية التركية ويجاهر بذلك وهذه التقسيمات الطائفية والعرقية والقومية أصبحت الآن في العراق خريطة سياسية وهذا هو هدف الاحتلال الأمريكي لأن روح الفرقة والتشرذم والانقسام ستكون أقوى وأشد، وبالتالي فإنها السلاح الناجع والناجح في تحقيق التقسيم والتفتيت وهذا هو هدف الاحتلال والغزو وما نشهده اليوم على أرض الرافدين يجسد هذا المخطط الاستعماري الحديث، فأغلب حكام العراق اليوم الذين تركهم الاحتلال يحكمون غابت عنهم الروح الوطنية وطغى على هذه الروح الوطنية التمترس المذهبي والطائفي والقومي حتى أن الدستور العراقي الذي سنَّه ورسمه الحاكم العسكري الأمريكي عند الاحتلال بريمر جسَّد ورسَّخ هذا النهج الطائفي والآن يترجم حكام العراق مبادئ ومواد هذا الدستور الاستعماري الأمريكي.. فهل يعقل أن يلجأ أحد هؤلاء الذين بصموا على العملية السياسية التي رسمها الاحتلال وشارك في ما خططه هذا الاحتلال إلى اقليم كردستان العراق ويحتمي به من شركائه في حكومة بغداد؟! ماذا يعني أن يتهم حاكم بغداد "الشيعي" شخصية "سنية" مشاركة في الحكم بل أنه من الرموز الحاكمة البارزة بالإرهاب؟! وماذا يعني لجوء هذه الشخصية وهو السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية إلى إقليم كردستان العراق؟! وماذا يعني أن القضاء في اقليم كردستان يرفض تنفيذ أمر القضاء في بغداد؟! ماذا يعني اتهام الهاشمي القضاء في بغداد بعدم النزاهة.. وبأنه "مسيّس"؟! الهاشمي لم يقل كل الحقيقة.. ولم يقل إن الصراع هو بين طائفة شيعية يمثلها المالكي وبين طائفة سنية يمثلها هذا الهاشمي.. لم يكشفوا عن وجوهم الطائفية بشكل علني وصريح. لم يعلنوا عن نواياهم الحقيقية التي تظهر للمشاهد العراقي والعربي بأنه صراع طائفي في ظاهره لكن بواطن الأمور تخفي أبعد من ذلك لأن صراع هؤلاء هو صراع مصالح ذاتية وأهداف حزبية ضيقة لأن الشعب العراقي شعب واحد والهتاف الذي ردده ويردده هذا الشعب والذي يقول "اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه". فالشعب العراقي شعب يرفض الطائفية والعرقية وينتمي إلى الوطن ويدافع عنه ولعل الحرب العراقية – الإيرانية التي دامت حوالي ثماني سنوات تؤكد هذه اللحمة الوطنية عندما نعرف أن أكثر من ستين في المائة من هؤلاء في الجيش العراقي هم من الشيعة وقاتلوا ببسالة ووطنية القوات الإيرانية الشيعية ولم نسمع هروب أفراد من ضباط أو جنود الجيش العراقي من الشيعة إلى إيران والقتال ضد أبناء وطنهم العراق. وهذا يؤكد أن من يحاول تصوير الصراع الآن بين الشيعة والسنة فهو مخطئ لأن من يحكم العراق الآن من هؤلاء هم من يعطي ويرسم هذه الصورة الطائفية فقط لأن دورهم الذي رسمه لهم الاحتلال هو الدور الطائفي وهم وحدهم يجرون العراق الآن إلى محرقة خطط لها الاحتلال في تفتيت المفتت وتقسيم المقسم. الشعب العراقي يعرف هذه الحقائق لكن هل يدرك النظام الرسمي خطورة آثار الاحتلال على العراق وعلى الوطن العربي؟! هل يدرك نظامنا الرسمي العربي خطورة آثار الاحتلال باشعال حرب أهلية طائفية في العراق ويسارعون فوراً إلى إزالة آثار الاحتلال؟