15 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تقول المرأة لزوجها "طلقني"، فهذا يعني أنها فكرت، وقدرت، فقررت أن تقولها مهما كان الثمن، وتتعدد أسباب "طلقني"، فقد تقال لسوء العشرة، أو لطولة اللسان، أو لمد اليد بالضرب، أو لعدم إقلاع الزوج عن تعاطي المخدرات أو المسكرات، أو لعدم تحمل الرجل لمسؤولياته الأسرية إذ راتبه نائم في جيبه لا ينفق إلا على نفسه متجاهلاً أسرته "يعني الرجل ديكور" وإذا ما تململت الزوجة وأظهرت ضيقها من القوامة التي تنازل عنها وربطها في عنقها، عاجلها بكلامه الشهد "مش عاجبك الباب يفوت جمل"، وقد يفوت الجمل ولا تفوت هي حفاظاً على الشكل الأسري من أجل أولادها، ولسان مجتمع لا يرحم، تحتمل، وتحتمل حتى تضج، وتتعب، وتصل إلى "طلقني" لتأكدها أن أبو العيال أقصد "ديكورها" سيطحنها إلى آخر العمر بلا مبالاته وبمسؤوليات لا قبل لها بها، بينما هو بلا أي مسؤولية، وقد تكون "طلقني" لسبب آخر غزت بيوتا كثيرة وهو أن الزوج حاضر غائب، حياته كلها أمام الكمبيوتر ناسياً أو متناسياً أن في البيت زوجة وأولادا لهم حقوق عليه، من واجبه أن يخصص لهم وقتا، ويلاحظهم بالرعاية والعناية، تقول إحدى المقهورات زوجي يمكن أن يقضي ساعات أمام شاشته دون أن يكلمني كلمة واحدة فهو مركز جداً ومشغول لا ليس عملاً وإنما "الشات" دون أي رعاية لحقوقي كزوجة، حتى أكله وشربه يطلبهما بالإشارة لا مجال ليجلس معي وأولاده لنأكل معاً، ثم هو لا يريد سماع أي منغصات، لا صوت الأولاد، ولا صوت المكنسة، ولا صوت أي كائن كان، تحملته شهراً، شهرين، سنة، ثم بدأت أفقد السيطرة على أعصابي، كلمت إخوته لا فائدة، غضبت وذهبت لبيت أهلي ولما طالت غضبتي وأصبح البيت في فوضى عارمة واحتاج إلى من يخدمه اعتذر مع وعد بتقليص ساعات تحجره أمام الكمبيوتر، تصورت أنه بوعده سينتبه لنتائج أولاده بالمدارس، التي تشي كلها بتأخرهم الدراسي، وأنه سيجعل لنا في يوم عطلته نصيبا نخرج فيه كأسرة نروح عن أنفسنا، وأنه سيحاول إصلاح كل ما شكوت منه لكن لا جدوى، فقد اعتدل يومين ثم عادت ريما لعادتها القديمة، إهمال، وسهر حتى صياح الديك، وخرس يزيد من كمدي واكتئابي، وعاد إحساسي بالفراغ القاتل، والغربة الموجعة وأنا في بيتي، وكانت الطامة الكبرى عندما دخلت عليه دون أن يشعر بوجودي لأرى الموقع الفاجع الذي كان يتفرج عليه، لحظتها ودون أي تفكير خرجت "طلقني" دون أي إحساس بالخسارة، بل كان في طلبي ثأر لكرامتي، وقد بدأت أشعر بأنني في البيت كطاولة، أو كرسي أو شيء أي شيء، أنا في واد وهو في واد، أنا ربة بيت وغيط، من مهامي المهلكة توصيل الأولاد لمدارسهم، مراجعة دروسهم، التسوق، الذهاب من وإلى المركز الصحي لمن مرض، ارتياد المولات ليلعب الأولاد، كل كبيرة وصغيرة على كتفي وفوق رأسي بينما هو "متسمر" أمام الكمبيوتر لا يدري من شؤون بيته شيئا، لغد تنفست الصعداء من خيال المآتة الذي ينام ويقوم ويأكل ويشرب أمام مربع الشاشة الذي سرقه من بيته دون أدنى اكتراث، كم أراحتني "طلقني" من آلام كثيرة لم يُعرها أدنى اهتمام ولم يشعر يوما بها، نعم لست نادمة. *** طبقات فوق الهمس* أنا مؤمنة جداً بأن العطاء دون طلب يكون أنبل، والصداقة دون مصالح تكون أصدق.* سيظل الأحمق الذي يصدق "ناس"، كلامهم زي العسل، وأفعالهم أسوأ من رائحة البصل.* احذر أن تكون أفعالك – أفعى – لك، وأعمالك – أعمى لك.* اللطمة قد تكون صدمة وأنت ترى المواقف وهي تعري الناس ممن تصورته مكارم أخلاق لا تمت لهم بصلة.* العيب في حياتنا كثير، منه أن تصاب بالخرس أمام كلمة إنصاف أو حق.* كل من يريد تصحيح شروخ روحه عليه أن يستحضر "ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".* ستظل دوما بين الخلق جرأة شريفة اسمها الجرأة في الحق.* لكل من يسعى بوشاياته ليوقع بين الناس، ويقتل مودتهم نهدي:احفظ لسانك أيها الإنسانُ... ليلدغنك إنه ثعبانُ* الانعطاف ناحية المكسورين، والمغبونين، والموجوعين صفة من صفات الإنسان.* اليوم جرب أن تلقي في حصالة الخير، كلمة طيبة، موقفا شريفا، إغاثة مكروب، نصرة مظلوم، جرب زراعة الأزهار يامن تستهويك تربية الشوك.* للعيش والملح حق، كثيرون رغم كر السنوات لا يعرفونه.* هناك دائماً بشر يجعلوننا نؤمن بأننا الذين نعطي الأحلام لونها، والدنيا فصولها، والطقس روعته، والربيع بهجته، الغريب أنك قد تفتقد هؤلاء البشر عمراً طويلاً ثم صدفة على قارعة شارع الحياة تلتقيهم.* حبال الكذب قصيرة، لم نستوعب هذه الحقيقة بعد!* من أجمل ما قرأت في الصداقة الشفيفة الأمينة قول ابن أبي حازم:وصاحب لي كان لي وكنت له... أَشفق من والد على ولدْكنا كساق سعت بها قدمٌ... أو كذراع نيطت على عضدْ* قد يكون العمر لحظة وينقضي فهل تهيأنا للسفر؟