17 سبتمبر 2025
تسجيلقلنا بالأمس عن أن المرء منا هو من يكتب تاريخ نفسه المجيد إن أراد ، أو يترك الآخرين يكتبون عنه ولكن على هوامش التاريخ ، وتحدثنا عن ذاك الصوت الخفي النابع من الأعماق ، الذي يُدخل الإنسان في صراع مع نفسه وهدفه الأساسي التثبيط وإعاقة عملية التغيير ، وهو ما اتفقنا على تسميته بالتردد .. لو أن خالد بن الوليد " تردد " في اتخاذ قرار الانسحاب من معركة مؤتة ، واستمع إلى صوت مواصلة القتال وصوت الجنون لا المنطق يومئذ ، لكنا اليوم نقرأ عن مذبحة مؤتة وإبادة جيش المسلمين.. لكن لم يسمع خالد إلى ذاك الصوت بل اتخذ قراره الحاسم، فكانت النتيجة أن أنقذ الكثير من المسلمين، وهو الهدف الأهم عنده حينها، ومن ثم بدأ التفكير في مواصلة تحقيق الهدف بعد ترتيب الصفوف.. ولو كان قراره خاطئاً ما امتدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتدح جيشه وسماهم بالكرّار، بعد أن أطلق بعض المسلمين ممن لم يملكوا بُعد النظر، صفة الفرّار على الجيش.. عمليات التغيير ليست من تلك النوعية من العمليات التي تتحمل التردد والبطء. ولو كان كل البارزين على مدار التاريخ من القادة والحكام وعظام الرجال من المترددين، لما برز أحد في هذا التاريخ ولما حدثت تغييرات دراماتيكية حاسمة تغير معها التاريخ. إنك حين تجد نفسك أمام عملية تغييرية ، لا سيما تلك التي لها ارتباطات متشعبة ويتأثر كثيرون بها، فأنت أمام لحظات صناعة تاريخ حاسمة وخالدة، وحتى لو كنت أمام عملية تغييرية مع نفسك، فالأمر شبيه أيضاً، باعتبار أنك أنت نفسك، إنما حياة كاملة تستحق كل اهتمام ورعاية.. إن ما تقوم به تجاه نفسك مثلاً عبر اتخاذ قرارات حاسمة تتغير حياتك على إثرها، فإنما تقوم بصناعة تاريخ لحياتك، سواء تأثر بهذا التغيير أحد من حولك أم لم يتأثر، لكن يكفيك فخراً أنك تصنع تاريخاً لنفسك، لأنك أنت الأساس في العملية برمتها.. خلاصة الموضوع أن تكون حاسماً حازماً وأنت ترغب في إحداث تغيير ما، سواء على الصعيد الشخصي أو أصعدة أوسع وأكبر، ولا تتردد في قرارات التغيير، لأن هناك الكثيرين حولك تنحصر مهامهم في تلك اللحظات الحاسمة في دفعك إلى التباطؤ والتوقف، وأهم كل أولئك، نفسك التي بين جنبيك.. ولك أن تتذكر الآن مواقف حياتية مرت عليك وأنت بصدد اتخاذ قرارات حاسمة، ووجدت نفسك متردداً حائراً، لا تدري ماذا تريد وماذا يمكن أن تفعل، وذاك الشعور لم يأتك جزافاً أو صدفة، وليس في الحياة صدفة، أو ليس لشيء سوى أنك لم تكن حازماً سريعاً في اتخاذ القرار المناسب في وقته المناسب .. دع التردد جانباً واعقلها ثم توكل على الله ، وفقك الله.