19 سبتمبر 2025
تسجيلتوقف أيها القارئ الكريم وتأمل ليس للإعجاب بها والإطراء لها، وإنما للاستفادة والبناء عليها بالنظرة الإيجابية العملية. يقول يوكو كوبني مدير إحدى المدارس بفنلندا- وانقل العبارة كما قرأتها بالنص- "حصلنا على المركز الأول في التعليم بالتخطيط، وإلا فنحن لا نملك إلا الخشب والعقل، بعد الحرب العالمية الثانية حاولنا لملمة شتات بلادنا، فكرنا في البيت الفنلندي، واخترنا العلم طريقاً للنهضة مع قناعتنا التامة أن العلم ليس الحل السحري الجاهز الذي سنحقق من خلاله ما نصبو إليه بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج إلى وقت طويل وعمل متواصل وجهد مظن ومرهق".ويقول توني واغنر بروفسور جامعة هارفارد ومؤلف كتاب "مسيرة تطوير النظام التعليم في فنلندا وبداياته الناجحة"، "مطلع السبعينيات كان لدى فنلندا نظام تعليمي رديء بإنجازاته مع اقتصاد زراعي لا يقدم سوى منتج واحد، وهو خشب الأشجار التي كانت تقطع بمعدلات غير قابلة للاستدامة وأدركوا أنهم لن يعبروا بها نحو المستقبل القريب. وعرفوا أن عليهم مراجعة نظامهم التعليمي وتجديده لتأسيس اقتصاد معرفة فعلي"، فتأمل... أما نحن فنملك التاريخ والحضارة والتراث والثقافة والهوية والموارد بأنواعها المتعددة التي لا حصر لها. وقبل كل هذا، نملك ديناً خالداً فضلنا الله به على العالمين، أمرنا بالعلم وإعمال العقل فيما ينفع المجتمع والأمة وبالعمل والجودة والتفوق والإتقان والإيجابية والتميز والتنافس واستخراج الطاقات الكامنة من أبنائنا الطلاب منذ الصغر بناة المجتمعات والأمة. وهذا كله يبدأ من الداخل، فالرغبة الصادقة والفاعلة على أرض الواقع كل هذا وذاك إلاّ لنضاهي الدول المتقدمة ونزاحمها في خدمة الأمة والإنسانية. جميل وروعة أن نأخذ من الغير أفضل وأجود ما عنده في مجال منظومة التعليم للسير بمنظومتنا التعليمية نحو الاستقرار والأحسن والأجود والتنافسية، يكفينا كل سنة تغييراً وتجارب. نريد استقرارا في منظومتنا التعليمية. لماذا لا نقر منظومة تعليمية كمثال لمدة اثنتي عشرة سنة من الروضة إلى نهاية مرحلة دراسية ثانوية، حتى لو جاء مسؤول وذهب آخر. وبعدها يتم مراجعة وتقييم هذه المنظومة. فهل سيتحقق هذا الأمل والمطلب؟ نرجو ونأمل ذلك. فـ"لا تقوم الحياة على امتلاك أفضل الأشياء، ولكن تقوم على استثمار ما لديك بالفعل". فلنستثمر عقولنا ومواردنا بأفضل ما لدينا، فالله سبحانه وتعالى حبانا بالخيرات الظاهرة والباطنة. "ومضة" عندما يفكر الإنسان "صح"، ويأخذ الاتجاه "صح"، ويمارس قيمة التغيير والبناء واقتصاد المعرفة "صح"، ويتخذ القرار "صح" ويعمل "صح"، تجد بإذن الله تعالى النتائج طيبة والثمار يانعة. لا أحد يريد تغييرا من أجل التغيير، ولا اقتصادا معرفيا من أجل المعرفة.