15 سبتمبر 2025
تسجيلكشفت الحالة المطرية التي مرت بها المنطقة الأسبوع الماضي جملة عيوب واسعة في الطرق والمنشآت الحيوية، كالأنفاق والمطارات، كما شاهدنا في مطارات خليجية شهيرة، وكانت وسائل الاتصال الحديث الناقل الأسرع لتلك العيوب مما شكل حملة من النقد الواسع لهشاشة البنى التحتية في مدننا وسوء الإدارة والتنفيذ لتلك المشاريع؛ وحقيقة نحمد الله أولاً وأخيراً على هذا العطاء الرباني الذي يحمل في طياته كل الخير ويبشر بمواسم خضراء وارتفاع في مناسيب المياه الجوفية ؛ فالعيوب بالطبع هي فينا وفي إداراتنا وسوء التنفيذ غالباً لا في عطاء الله الذي نحمده سبحانه وتعالى أن تلك الحالة المطرية محدودة الوقت فلو استمرت طويلاً لربما ظهرت عيوب أعم وأكبر، وفي برنامج حديث الناس الأسبوعي الإذاعي في القناة السعودية الرئيسية والذي خصص حلقته يوم الجمعة الماضي للحديث عن آثار المطر الأخير؛ كنت ضمن الضيوف المتحدثين للحوار حول أسباب استمرار العيوب الإنشائية في مرافقنا والتي أعطت المجال الواسع والموثق لوسائل الإعلام الحديث وللنقد الواسع لنا، لاسيما وأن بعض القنوات الفضائية والمصادر الإخبارية وجدت في هذه الأحداث وحقائقها مجالاً لصب جام غضبها والنيل منا؛ وهذا ما لا كنا نتمناه أبداً؛ وفي معرض الحديث حول الحدث في البرنامج الإذاعي كنت أشير إلى ضرورة تفعيل الجانب الإشرافي على تنفيذ مشاريعنا واللجوء إلى بيوت الخبرة العالمية ذات الموثوقية والسمعة لتولي الإشراف على تنفيذ مشاريعنا التي يبذل لها حجم كبير من المقدرات لا مجرد الاعتماد على المكاتب الوطنية فقط تحت شعار تنمية القطاعات المحلية رغم أن جملة المشاريع التي نفذت في دولنا الخليجية خلال السنوات الأخيرة جديرة بأن تصنع من مؤسسات التنفيذ ومكاتب الإشراف لدينا بيوت خبرة ومرجعيات هامة متمكنة في مجالات أعمالها؛ ولكن هناك عامل آخر تحدثت عنه في البرنامج وهو عدم وجود الكفاية المالية الموازية للعاملين في الجهات الإشرافية في مؤسساتنا الحكومية، بل هناك خلل واضح حين يكلف مهندس بالعمل على الإشراف على مشروع بمئات الملايين، بينما في الجانب الآخر لا يجد الرجل في مخصصه الرسمي ومرتباته الشهرية ما يسد حاجته، مما يجعله فريسة للإغراء والتساهل! وكما كان أحد محاور الحديث في البرنامج تحت عنوان "استر ما واجهت" بمعنى أن على المواطن أن يتجمل بالصبر ويسكت عن العيوب المشاهدة التي سدت الطرق أمامه وعطلت ذهاب أبنائه إلى مدارسهم بل في حالات أسوأ كان هناك ضحايا وأرواح أزهقت، فليس من المنطق السكوت عن الأخطاء وبهذا الحجم، ناهيك عن أن هذه المشاريع تستقطع تكاليفها من دخول شعوب ومقدراتها؛ فلا بد في هذه المرحلة من المحاسبة الصارمة ووضع اليد على موقع الجرح الحقيقي منعاً لتكراره، ففي السعودية كانت أحداث سيول جدة قبل سنوات ماثلة للعيان وكان حجم الضحايا بسببها ضخما جداً وكانت الأسباب تكشف عن جملة اختلاسات وتجاوزات في التخطيط والتنفيذ للمشاريع واستيطان للمجاري الطبيعية للسيول، ومع التحول النوعي في الطبيعة المناخية للمنطقة التي كان لها الفضل بعد الله في كشف التلاعبات؛ يجب أن تكون الوقفات صارمة والمعالجات جوهرية حتى لا تتكرر الحالة المزعجة مع سقوط القليل من الأمطار على مدننا التي يفترض أن تكون تبعاً لما صرف عليها من أفضل المدن العالمية استيعاباً للأمطار والسيول.