10 سبتمبر 2025

تسجيل

القطاع الخاص المسؤول في السعودية

24 نوفمبر 2013

منذ قرابة الشهرين، وقبلها كذلك، وأنا أجوب المدن السعودية، ومحافظاتها، من جنوبها، إلى غربها، إلى شرقها، وهكذا دواليك، لأقدم ورش عمل متخصصة في مجال المسؤولية الاجتماعية، ودعم المنظمات الأهلية، والمجتمع المدني. وفي الحقيقة، كنت أجهل قوة المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية، ودوره في التنمية. حيث يحظى بدعم كبير من القيادة السعودية الرسمية، خاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، والذي أسهم في دعم هذا القطاع الثالث، بالعديد من التشريعات والقوانين التي تساند دوره. وكما هو معلوم، إن المجتمع يقاس معدل حضريته، ونموه بمدى تطور المجتمع المدني فيه. الأمر الآخر هو دور القطاع الخاص السعودي، سواء الشركات العائلية، أو المساهمة، أو حتى الفردية في دعم المشاريع التنموية. واستطاع هذا القطاع الخاص، وعبر الدعم الكبير، من سلسلة من المؤسسات المانحة التي أسهم في إنشائها، والتي قارب عددها المائة، إضافة إلى سلسلة من إدارات متخصصة في المسؤولية الاجتماعية تتبع تلك الشركات، في إحداث نقلة نوعية، في المشاريع التي يتم تقديمها من الجمعيات والمنظمات الوسيطة للمؤسسات المانحة بغرض الحصول منها على دعم مالي أو فني. فتجد أن تلك المشاريع المقدمة للحصول على منح أو دعم، تحقق ثلاثة أمور رئيسية هي:1- توافقها مع أولويات المؤسسة المانحة. 2- تلبيتها لحاجات مجتمعية.3- مواءمتها مع أهداف المنظمة الوسيطة. كما تسعى هذه المؤسسات السعودية المانحة، إلى الرقي بعملها المهني، والتأكد أن مساهماتها تؤدي الغرض منه، من خلال تبني منهج علمي لتحقيق ذلك. حيث تبنت تلك المؤسسات منهجيات علمية لقياس أثر المشاريع المجتمعية التي قامت تلك المؤسسات بدعمها وتمويلها. "الخير فيّ أي وفي أمتي إلى يوم القيامة"، مقولة نبوية عظيمة، تجدها متجسدة، في مساهمات رجال وسيدات الأعمال في المملكة بشكل واضح. إن القطاع الخاص السعودي، ومن خلال الغرف التجارية المتواجدة في المدن الرئيسية في المملكة، تبنى منذ سنوات تأسيس مجالس للمسؤولية الاجتماعية، وأسهم بشكل كبير في تقنين مساهماته لدعم التنمية المجتمعية، عبر قنوات مهنية، حققت من خلالها شراكات مهنية، مع القطاعين الحكومي والأهلي. كذلك تسابق أبناء ورجال وسيدات الأسرة المالكة الكريمة في المملكة، إلى تأسيس صناديق ومؤسسات مانحة، وكذلك مجتمع الأعمال في المملكة، جعلت العمل معها صناعة جديدة. هذه الصناعة تمخضت عنها مؤسسات استشارية، وخدمات تدريبية، وكذلك مراكز متخصصة في التسويق الاجتماعي، وأخرى في البحوث والدراسات، والمعلومات، والخدمات الإعلامية، والإعلانية المتخصصة. ونجد أن صناعة المؤسسات المجتمعية، وخدماتها، أصبحت تستقطب الآلاف من الشباب الموهوبين من الجنسين، فوجدوا في انتسابهم إلى تلك الأعمال فرصة عظيمة لهم، للمساهمة في التنمية المجتمعية بشكل احترافي. كما أن تلك المؤسسات المجتمعية، وعبر دعم المؤسسات المانحة، وبدعم حكومي كبير، استطاعت أن تتبنى حل إشكاليات مجتمعية كبيرة، كمشكلة البطالة بين الشباب، وكذلك مشكلات الرعاية الأسرية الشاملة، ومشاكل التنمية المهنية، وغيرها. ووصلت خدمات تلك المؤسسات، وعبر شراكات مهنية رائعة بين القطاعات الثلاث: الحكومي، والأهلي، والخاص إلى الوصول إلى مناطق لاتصل لها الخدمات بصورة ميسرة في جميع مناطق المملكة العربية السعودية وفي خارجها. فشكرا لهذه القطاعات السعودية مجتمعة، وهي شراكة تستحق الدراسة، والبحث، والتقييم، لأنها قد تكون من التجارب الرائدة في المنطقة العربية.