19 سبتمبر 2025

تسجيل

ولدي فلذة كبدي !

24 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان الأب حاذقاً جداً في احتراف البخل وجلب الأموال من دباديب النمل، إذ يغربل جيوب أبنائه كي تتساقط النقود من بين جوانبهم وبطونهم، وقد اشتهر بذلك بين أهله وجيرانه، إذ كان يدفع أبناءه للعمل وهم صغار كي يأخذ رواتبهم البسيطة، وكذلك يفعل مع البنات، وبعد أن تخرج ابنه الأكبر معلما لمادة اللغة الإنجليزية، وما إن قبض أول راتب له، حتى دخل على أمه وأخواته فرحاً بإنجازه، فوضع النقود فوق سريره وصلى ركعتين شكراً لله.عصراً وبنفس اليوم، سمع والده بالخبر، فدخل البيت وهو يصرخ، وما إن سمعه ابنه المعلم، حتى جمع أمواله بخطفة سريعة ! وهرب مسرعاً نحو حمام بيتهم الوحيد أعزكم الله، فالتزم الصمت.. وبعد دقائق فقط ! سمع زئير أبيه من خلف الباب: "اخرج بسلام وأعطني الراتب يا ابن....، فلم يعده جواباً، ومع الأسف، وأمام عيون الأبناء والبنات وذفرات دموع الأم الحنون، دفع الأب الباب بقوة ودخل الحمام وأقفله خلفه، وسمع الجميع صوت الضرب والصفع واللطم، وصرخات الابن تتعالى عنان السماء، وخرج الأب منتصراً، والغنيمة بين يديه وهو يعدها ورقة ورقة.منذ ذاك اليوم والابن أصيب بالجنون ويهيم بالشوارع، إذ أصبح معلماً لشهر واحد فقط، ولقد ُأخبرت بقصته من أحد أقاربه، فذهبت بنفسي إلى منطقته، وقابلته شخصياً، فوجدته يفترش الرصيف وهو ملثم بالشماغ الأحمر المقطع، وبلحية كثيفة، ويدخن سيجارة المالبورو الأحمر الواحدة تلو الأخرى، وأسنانه كأعجاز نخل خاوية، وأصابعه محترقة من نار السيجار، ورائحته كبول نتن أعزكم الله، وهو يحدق النظر بالجدار، ويضحك مكرراً بالإنجليزي كلمة “ I’m Teacher “، وقد أعجزني وأثقل كاهلي ذكاؤه، إذ كلما ألقيت عليه كلمة بالعربي يردها بالإنجليزي أو العكس، ويطلب مقابل ذلك ريالاً، وهكذا يفعل مع الناس كي يجمع مبلغاً لعلبة السيجار.. نسيت أن أخبركم أنه يوم دخل الفصل على تلاميذه بأول يوم عمل له، كان ممسكاً بكرتون شيكولاتة كتكات، وقال للطلبة: هذا لكم من بسطة أختي الكبرى التي لم تـتزوج، هدية بمناسبة تحقيق الحلم ! وهو الشوكولا المفضل عندي.