26 أكتوبر 2025

تسجيل

العين يجب أن تظل على القدس والانتفاضة الثالثة !

24 سبتمبر 2015

لا يمكن تصديق أن إغراق النظام العسكري المصري لحدود غزة بالمياه المالحة هو من أجل الاحتماء من التسلل والأنفاق ، فلمنع ذلك - لو وجد ولو حسنت النية - ألف طريقة لا توقع الأضرار الجائرة التي تتحدث عنها التقارير والتقديرات . أما الحقيقة فهي أن ما يقوم به الانقلاب ضد المقاومة هو امتداد لا ينفصل عن كل الحرب المتعددة الوجوه والمتواصلة التي لا يزال يشنها على المقاومة وأنصارها وفكرها ودينها ، والتي يتزلف بها من ( إسرائيل ) وأصدقائها ، أما دعاواه ومبرراته فلا تعدو أن تكون دعايات أكاذيبية يسكّت بها ضمائر قلة من الرأي العام الذين لا يزالون يحتفظون بحد من الاهتمام بفلسطين مع قدر من الطيبة والمغشوشية .. هنا يجدر التذكير بسياقين لمشروع المياه المالحة ؛ سياق بعيد وسياق قريب .وأقول في السياق البعيد : إن المقاومة الفلسطينية وبالأخص منها الإسلامية تنتمي لثقافة وطنية وأخلاقية مختلفة ومناقضة لثقافة معسكر ( كوبنهاجن ) للتسوية الذي تنتمي له مصر كامب ديفيد ، وتعتبر مؤسسة فيه .. هذه التناقضية والعداء مع المقاومة تصاعدت اطرادا مع كل إنجاز حققته المقاومة بدءا من انتفاضتي ال87 و ال2000 - اللتين وطدتا وجود حماس ووزنها في معادلات المنطقة - وانتهاء بآخر انتصاراتها على العدو في العام الماضي ، مرورا بانسحاب العدو تحت ضرباتها من غزة 2005 ثم فوزها بالتشريعي وتشكيلها الحكومة العاشرة في 2006 ، ثم إفشالها انقلاب الأجهزة الأمنية في غزة وهروب سلطة عباس وقواته للضفة ، ثم تدشينها قوة حقيقية عام 2007 خارجة عن منطق التبعية له أو التسوية مع الاحتلال ومقتضياتها.. فإذا كان نظام الانقلاب العسكري الحالي في مصر هو الوجه الآخر أو الوريث المنطقي لرؤية والتزامات ومفاسد ومعادلات وتفاهمات نظام مبارك ؛ فإن مجرد وجود المقاومة في المشهد السياسي يجعلها على طرف نقيض معه ويعتبر سببا كافيا لاستهدافها دون الحاجة لأحداث ولا اعتبار لجوار ولا لتاريخ وهو الذي بدأ عهده بقتل شعبه وحرق مساجده!!أما في السياق القريب؛ فمشروع المياه المالحة يأتي من حيث التوقيت في ثلاثة أطر كما أراه :الإطار الأول - في الوقت الذي يشن فيه العدو حربه الأخيرة على القدس ، التي يتوقع أن تطلق الانتفاضة الثالثة .. هنا تأتي أهمية تفجير مشكلة مع مصر تصرف الاهتمام الشعبي والإعلامي عن الشمال إلى الجنوب .. الإطار الثاني - ما تحصل لدى العدو من القناعة بأن حربا مباشرة على حماس سوف تكرر عليه الفضيحة التي لم يعد كيانه يحتملها فضلا عن أنها لم تعد مجدية بعد الإثنين والخمسين يوما الفاشلة في العام الماضي .. يفهم هنا أن العدو يستعيض بعسكر مصر عن عسكره للقيام بالمهمة القذرة .أما الإطار الثالث ؛ فهو ما تحصل لدى الغرب واتجاه أكثر من 60 عضوا في الكونجريس الأمريكي لضرورة فك الحصار عن غزة ، فجاءت وساطات توني بلير لإبرام تفاهمات مع حماس على ذلك .. وإذن فالانقلاب يحاول قطع الطريق على هذه المساعي التي يعتقد أنها ستريح حماس وتعيد لها مفقود الأهلية القانونية ، لذا فالانقلاب وعباس يبادران لفرض المزيد من الحصار على حماس وتشديده .وأجزم أن عسكر الانقلاب المصري يفكرون كل صباح ومساء في العدوان على غزة دون اعتبار لجوار ولا لأخوة ، وأجزم أنهم يتطلعون ليوم يستطيعون فيه قطع علائق الشعب المصري عن الفلسطيني ، غير أنهم لا يثقون في قدرة جيشهم والمشغول أصلا بدواخل مصر على حسم معركة لم يستطع أعظم جيوش المنطقة حسمها ، إضافة إلى أن حماس لم تتورط في ردّات فعل تبرر لهم التورط في حرب دموية ربما تقلب عليهم ما استقر من أوضاع مصر ذاتها .آخر القول : لقد أثبتت " حماس " أنها أقسى من أن تعصر وأعصى من أن تكسر؛ لكن التخوف أن يشاغلوها بالماء المالح مرة وبالخطف أخرى وبقطع الكهرباء ثالثة ورابعة وخامسة .. لكن العين يجب أن تظل على القدس والانتفاضة الثالثة ..