14 سبتمبر 2025
تسجيلبينما تكشر الحياة كثيراً عن شراستها، وتنشر شوكها العنيد الجارح، وتغيب مشاعر التواد والرحمة، وتعلن القسوة أنها المتحدث الرسمي الوحيد عن كثير من بشر هذا الكوكب يوقفك فجأة خبر، حكاية، منظر، فعل، يجعلك تتأمله سعيداً جداً به، فرحاً جداً بوجوده، تماما كما حدث معي وأنا أقرأ أمس بالشرق خبراً يقول إن سائق حافلة كنديا توقف فجأة، ونزل من الحافلة ليخلع حذاءه ويعطيه لمشرد كان يمشي حافيا، ولما سأله الركاب لماذا فعلت ذلك أجاب: لقد قال المشرد إنه لا يملك حذاءً وكان يجب أن أمنحه حذائي، كان يجب أن أفعل شيئاً، الراكبة دينس كامبيل قالت إن هذا المنظر أجمل ما رأيته في حياتي، وعلى الفور استدعى كلامها عن السائق والمشرد، ما تماثل مع هذا المنظر، عادت بي إلى آخر شهر يناير كنت في الحي السابع بمدينة أكتوبر، البرد قارس، الوقت ليلاً، وبينما أمشي على مهل والمطر يهمي رأيت سيدة تنزل من سيارتها، خلعت شالها الصوف واتجهت مسرعة نحو حارسة عمارة مسنة ووضعته على كتفيها بإحكام بعد أن ربتت على كتفها ثم عادت مسرعة إلى سيارتها تتابع سيرها! إنها لقطة متكررة، تهز المشاعر، لزهور الحياة الجميلة النبيلة التي قد تنبت في كندا، أو مصر، أو قطر، أو الصين، أو حتى في بلاد الواق واق، نعم ليس للنبل جنسية، ولا للرحمة وطن، إنه اللغة العالمية للحنان الإنساني، إنه الجمال الذي يبرق فجأة والإظلام تام ليخطف قلبك ويلفته لتتأمل أجمل لقطات الحنان التي يهديها الإنسان للإنسان. * * * * أرسل لي رسالة فيها يقول قرأت مقالتك (مش خايف) عن المسؤول المدير، وأريد أن أقول لوجه الحقيقة (إن فيه مديرين رائعين) وأنا أيضا لا أغفل ذلك وأقول لوجه الحقيقة إنه إلى جانب المدير الدكتاتور الذي هو أساس قهر موظفيه وكل أمراضهم وتعاسة بيوتهم أيضا، هناك فئات رائعة لا يمكن تجاهلها فأنا أعرف مديرا كان إذا (عصب) على فراش لا يذهب إلى بيته بعد انتهاء الدوام إلا إذا استرضى الفراش ونفحه (خمسين) ريالاً، واسمع عن مدير عندما عرف أن في موظفيه من يحضر للماجستير تسامح في أي ساعة فراغ ليراجعوا ويذاكروا، واعرف مديرا لما علم بما يعانيه أخو موظفه من مرض السرطان وعجزه عن الإنفاق على أسرته تعهد بإعالة الأسرة وتوفير مصاريف علاجه وهو خارج الدوحة ليس مقيما بها دون أي إعلانات لزوم البروزة والحصول على لقب (المحسن البار) وأعرف مديرا بكى موظفوه في حفلة وداعه وقد انتقل إلى موقع آخر، وأعرف علاقات إنسانية بديعة مازالت تربط بين موظفين ومديريهم رغم أنهم استقالوا أو سافروا أو انتقلوا لمواقع أخرى، أبداً لم اقصد التعميم، فكما أن هناك مديرين يتمنى موظفوهم فراقهم، هناك آخرون رائعون تتجدد محبتهم بقلوب موظفيهم وهم بالتأكيد الذين أدركوا أن الموظف إنسان ومشاعر، وطاقة لا يمكن أن تعطى إلا في ظل المودة والاحترام. آلام مصر * مضطرون أن نقول لمتعمدي الفوضى، والداعين للوقفات الاحتجاجية لعرقلة دورة الحياة وتعافي مصر اقتصاديا (عندما يلتقي هدفك مع هدف عدوك عليك أن تعرف أنك على خطأ) مصر أولاً وأخيراً وطنكم جميعا الذي يستحق الوفاء، متعرفوش الوفاء؟ اتعلموا من الكلاب. * الأخبار المحزنة تقول إن الميكروب الحلزوني المسبب لسرطان القولون والمعدة منتشر في مصر وهو ينتقل بسهولة، فعطسة واحدة من المشتغلين في المطاعم قادرة على نقل العدوى لبلد بحاله، ياريت تنتبه (الأمهات) إلى أنهن صمام الأمان لأسرهن باعداد الطعام الآمن من غير (عطس) وضروري من وجود حملة شعبية لمحاربة الميكروب بدلاً من التحريض على الشغب، والإضراب. * أتفرج على سوق الإعلاميين، ألحظ التغيير المفاجئ، وركوب الموجة، ألحظ المرفوض الذي أصبح مقبولا، والمشتوم الذي أصبح مكرما، والطالح الذي أصبح إمام الصالحين، وغصبا عني أسأل أهي كلمة حق ورجوع عن باطل وزور، أم أن الحرص أذل أعناق الرجال أيها المنافقون؟ * رسب (وائل الابراشي) رسوباً مدوياً في العاشرة مساء، الذي كانت تقدمه المتألقة بجد (منى الشاذلي) حاول الابراشي نقل نفس طريقة (التوليع) التي كان ينتهجها في برنامجه (الحقيقة) فكان فشله الذريع، لقد تألمت جدا عندما استضاف العالم المحترم (زغلول النجار) لبهدلته بمداخلات الضيوف الذين صبوا كل ما عندهم من وحل الانحطاط في الأسلوب، كما استضاف معه ثلاثة من أعدى أعداء الدين دون أن يخبر ضيفا بحجم وقيمة العالم الجليل بمن سيشاركه في الحلقة ليترك لهم الهجوم بشراسة على الضيف المحترم دون أن يتيح له فرصة كافية للرد على المداخلات المرتبة بهدف النيل من الرجل الكريم، وبهذا اللقاء الراسب بامتياز كشف (وائل الابراشي) عن وجه جديد ما كنا نعرفه، لكن الثابت الآن أن مقدم العاشرة مساء إعلامي مثير للفتن ويحمل في جيبه كلما أطل علينا (نار وزيت حار) لزوم التوليع، الغريب أنه لم يفطن حتى الآن أنه أضاع رونق العاشرة مساء وأسقطه ربما للأبد، أسجل مرة ثانية إعجابي وتقديري ومحبتي للرائعة منى الشاذلي، وضروري أن أقول للسيد وائل لقد أظهرت بفجاجة حوارك روعة من سبقتك طبعا دون قصد!. * أحاول أن أفهم سر الهجمة على العالم البديع زويل، هل لأنه عاد إلى مصر ليبني شيئا محترما بعد طول خراب؟ أم هي الغيرة من الإبداع؟ أم هي الفلول مازالت تطارد النجوم لتطفئها؟ * * * طبقات فوق الهمس * كان دمثا، متواضعا، متعاونا، الابتسامة لا تفارق محياه، صوته خفيض لا يكاد محدثه يسمعه، بعد فترة رقي ليكون أعلى الهرم الوظيفي على الكرسي الهزاز، وبدأ التغيير، الصوت الخفيض علا، مكان الابتسامة تكشيرة سوبر، الدماثة هاجرت ليكون تأنيب موظفه أمام الفراش أمرا عاديا، التواضع تلاشى وعلا مستوى الخشم كثيراً عما كان، انتفخ صدر الرجل وتغيرت مشيته الخجول، انتهى عهد الإفطار الودي الجماعي والتباسط، انتهت الوداعة وأصبحت (الوكرة) تسمع صوته إن تعكر مزاجه و(عصب) باختصار أصبح الرجل (واحد تاني) التمت الرؤوس المندهشة تسأل بعضها (وايش فيه) وجاء الجواب الشافي (أصله أخد الجنسية)!ّ!. * كل يوم جديد يعني زمنا جديدا للبذر، كل صباح نخرج وفي أيدينا بذورنا (نوايانا) التي قد تطرح ورداً أو حنظلاً، شجراً ظليلاً أو شوكاً لا يحمي من هجير، مهم قبل أن نلقى بذورنا في شقوق الأرض أن ننقي النوايا ليخرج زرعنا بهجة تسر الناظرين. * أي إدارة، أي وزارة لا تعرف البيروقراطية أو المركزية توقع أن تكون ثمار كل أعمالها مدهشة. * الرقابة الشعبية مهمة جدا وهي الحل السحري الذي يوقف المخالفين ويضيع على الفاسدين فرصة استغلال مناصبهم. * قال ينصح صديقه الساهي اللاهي الغارق في انشغالات فارغة لا تنتهي إن آخر دعاء لعمر رضي الله عنه في خطبته كان اللهم لا تدعني في غمرة، ولا تأخذني في غرة، ولا تجعلني من الغافلين. * وزير الخارجية الفرنسي (بدل ما ينكسف) ويعتذر عن الإساءة طالب بإغلاق القنوات الفضائية الدينية بدعوى أنها تذدري الأديان، ونقول للمحترم إذا كانت هذه القنوات تحرض على ازدراء الأديان فماذا نقول في القنوات الفاضحة المفضوحة التي تذدري الإسلام والمسلمين كلهم بالترويج للعري والقذارة والدعارة! "صحيح اللي اختشو ماتو". * في العلاقات الإنسانية كثيراً ما يتحدثون عن (الجحود) الذي يكسر القلب، والذي قد يتألم كثيرون منه بفعل وجعه العظيم، لكن يظل أيضا ما لا يمكن أن يجحد كيف يمكن للواحد منا أن ينسى الذي واساه لحظة ألم، أو احتواه لحظة حزن، أو وقف خلفه كجدار لحظة انهيار، أو من كان له أهلا ووطنا وهو غريب بلا وطن؟ كيف ينسى الواحد منا من علم على قلبه بعلامات كالوشم لا تضيع، وسقى روحه بحنان أصفى من الشهد؟! * الأمانة ليس لها شهود، ولا شيكات، ولا قسم، الأمانة ضمير الإنسان وأصله. * بمناسبة الجحود أرى أنه من الجحود ألا أقدم تحية تليق بكل قسم التصحيح الذي يتفانى في ضبط إيقاع كل ما يكتب ليخرج في أبهى صورة، لقد لاحظت كم أن المجهود كان عظيما في رمضان من رصة الأعداد الكبيرة بملاحقها الكثيرة، الشكر موصول لكل أقسام الشرق العزيزة على مجهود لا يستهان به. * دائماً الكاره يهدم، والمحب يبني. * إذا تعذر أن تكون إلى جانب حبيبك وهو يتألم لا تنس الدعاء له. * كيف لم أنتبه إلا اليوم إلى أن الهاتف ينقل مسرات قليلة وأحزاناً كثيرة كثيرة؟