15 سبتمبر 2025
تسجيليميل الإنسان بطبعه إلى التفكير في المستقبل. أحيانا كثيرة نجد أنفسنا نتساءل عن الخطوات والمراحل التالية في حياتنا، وما قد يخبئه المستقبل من تكنولوجيا وابتكارات علمية، ومن هذه الأسئلة ما سيؤول إليه الفضاء السيبراني والتسارع المطرد في توسعه وتطوره؟ وما الذي يحمله هذا المستقبل للأشخاص والبيانات على الشبكة العنكبوتية؟ هل سنستمر في استخدام بطاقات الائتمان خلال عقد من الزمن أم سيتم استبدالها؟ هل سيقابل التقدم في الطب تقدم في حماية السجلات الصحية الشخصية؟ هل ستكون حماية الخصوصية أكثر قوة أم أنها أصبحت شيئًا من الماضي إلى حد كبير؟ وكيف ستؤثر التكنولوجيا على حياتنا في المستقبل، بطرق إيجابية وسلبية؟ قبل عقد من اليوم أصدرت مايكروسوفت تقريرًا بعنوان «الفضاء الإلكتروني 2025: قرارات اليوم، تضاريس الغد» وكان السؤال المركزي يدور حول المستقبل، وكيف ستؤثر الخيارات التي تتخذها المنظمات في الوقت الحاضر على قدرتها على تشكيل التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية بعد عقد من ذلك الوقت؟ تقرير مايكروسوفت تساءل أيضا عن الشكل الذي سيغدو إليه الفضاء الإلكتروني بحلول عام 2025؟ فثمة أكثر من 91 في المائة من الناس في البلدان المتقدمة وما يقرب من 69 في المائة في الاقتصادات الناشئة سيستخدمون الإنترنت. العالم سيشهد تغيرات غير عادية في هذا الفضاء، مما يعني النمو المتزايد في الاتصال بشبكة الإنترنت والأجهزة الرقمية، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي... وغيرها من المواضيع ذات العلاقة التي تلوح في الأفق بشكل كبير على أجندة اليوم وطاولة الغد. القوة التحويلية للتكنولوجيا والاتصال، والتحولات الديموغرافية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، والفجوات المتزايدة في المهارات التي تدعم عالما يعتمد بشكل كبير على الإنترنت كانت أحد المواضيع التي سلط التقرير الضوء عليها وقدّم ثلاثة سيناريوهات للعالم في عام 2025، استندت جميعها إلى نموذج قياسي بالاعتماد على أكثر من 100 مؤشر اجتماعي واقتصادي بإشراف كبار الباحثين والمؤسسات متعددة الأطراف مثل المنتدى الاقتصادي العالمي وخبراء آخرين حول القضايا التي ستؤثر على العالم بغض النظر عن السيناريو الذي سيؤتي ثماره. ما يلفت الانتباه في التقرير هو أن قوة وسرعة التغيير التكنولوجي ستشكل تحديات وفرصا للأفراد والمنظمات المجتمعية والشركات والحكومات على حد سواء ويتمثل أحد التحديات الأساسية التي تواجه صانعي السياسات الحكومية في كيفية موازنة التغيير التكنولوجي الهائل وإدارة الجيل الجديد من المخاطر في نفس الوقت وأن مفتاح النجاح لذلك المشهد هو الإعداد والتوازن وعلى صانعي السياسات والشركات والمنظمات المجتمعية الاستعداد بشكل أفضل للتغييرات التكنولوجية المقبلة والاستفادة من التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمعالجة قضايا مثل الحوكمة والرفاه الاجتماعي والاقتصادي؛ وتمكين جميع أصحاب المصلحة من التفكير بعناية في كيفية تأثير خيارات السياسة الحالية على النتائج المستقبلية. بحلول عام 2025، سيكون هناك شمال عالمي غني بالأجهزة وجنوب عالمي غني بالبشر. بغض النظر عن نصف الكرة الأرضية، فإن الغالبية العظمى من اتصالات الإنترنت الجديدة ستكون متنقلة. وفي عالم شديد الاتصال، سيأخذ أمن واستقرار الإنترنت وحوكمتها أهمية أكبر لصناع القرار والشركات والمواطنين. وسيتم في ذلك العام توصيل أكثر من مليارات الأشخاص وعدد لا يحصى من الأجهزة بالإنترنت، وسيكون هناك ما يقرب من 20 مليونا من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سنويا، وأكثر من ثلاثة أرباعهم من الاقتصادات الناشئة. وهذا يؤكد على قدرات إدارة المخاطر الحالية عبر جميع السيناريوهات الثلاثة لكل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة. العالم يتجه بسرعة نحو الاتصال في كل مكان والذي من شأنه أن يغير بشكل أكبر كيف وأين يربط الناس المعلومات ويجمعونها ويشاركونها ويستهلكونها.. السؤال هنا: هل يمكن للتكنولوجيات أن تساعد في جعل عالمنا أكثر إنصافًا وأكثر سلمًا وأكثر عدلًا؟ الإجابة قد تكون لا، لأن مجموعة صغيرة من شركات التكنولوجيا الكبرى تسيطر اليوم على أهم وسائل التواصل بين الناس «عند مستوى لم يسبق له مثيل في التاريخ». المستقبل لا يشي بتغير إيجابي على هذا الصعيد، بل على العكس، يتجه العالم نحو مزيد من تركز الثروات وتركز تكنولوجيا الاتصالات في أيدي الشركات الكبرى، وهذا سيؤثر بشكل كبير في تحديد من هو مرحب به في السباق المحموم عبر الفضاء السيبراني من عدمه!