17 سبتمبر 2025

تسجيل

جيمس فولي وموقف صحفيي العالم

24 أغسطس 2014

ليس للصحفيين أعمار تفوق غيرهم من البشر سوى أنه بموتهم تموت الحقيقة وأحياناً تجز تلك الحقيقة مع رقاب من يحملونها تماماً كما فعلت داعش بالصحفي الأمريكي جيمس فولي مؤخراً الذي ناور التنظيم المشبوه للحصول على ملايين الدولارات فدية له بعد اختطافه في العام 2012م وهو يؤدي مهمة صحفية في سوريا حيث المعارك المستمرة بين النظام وثوار الشام الذين يواجهون الصلف والقوة دون أن يكون للعالم المتابع موقف مؤثر , جيمس فولي من جانب مهني محض هو زميل مهنة يبحث عن الحقيقة والمعلومة في البؤر الساخنة ولكن الثمن في مهمته لم يكن مجرد حزم من التعب المهني المتواصل بل كان الثمن رأسه المقطوع بسكين الداعشي الحادة ليضيف رأساً استثنائياً إلى قائمة ضحايا التنظيم الغريب بفكره وتأقلمه الهستيري مع العنف , مقتل الصحفي جيمس فولي " وسوف أعود إلى الصحفي " غير بعض ملامح اللعبة في واقع التعامل مع داعش من قبل الجماهير الغربية وحكوماتها خاصة البيت الأبيض فقد استفز مشهد القتل العلني للصحفي فولي وكذلك العبارات التي سبقت جز رأسه الرئيس أوباما فخرج يشخص في خطاب له حالة داعش المريبة وربما تحفز دماء فولي المزيد من دواعي الحزم ضد التنظيم الذي بلا شك قد أضرته الضربات الأمريكية المستمرة على مواقعه وتجمعاته فراح يتخلى عن دولارات الفدية مقابل بث الفزع في المجتمعات الغربية وهو تأكيد على إفلاس التنظيم واعتماده على دعاية الإرهاب العلني ولون الدماء وهي بضاعته الأهم دون أن تكون له منهجية مقبولة عند كل الأوساط والديانات فقد نشأ كحالة انتهازية تبطن جملة أهداف في ظروف استثنائية تقوم على فراغات الاختلاف والتضاد , ومن جانب آخر يعد القصف الأمريكي رغم محدوديته نجاحاً مؤثراً في الإضرار بالمكون الداعشي وتمدداته المريبة , فالمناظر والروايات من مواقع التنظيم في سوريا والعراق واستهداف اليزيديين والمسيحيين وقبلهم المسلمين كلها تكرس البغض لهذا التنظيم وتكثف حوله محاولات الاحتواء لشل مفاصله وتجفيف منابع التمويل له من كل المصادر كما فعل مجلس الأمن في قراراته الأخيرة , خاصة وأن العراق الدولة الحاضنة لبوادر ظهور التنظيم غدت تعي خطورة المناورة بتواجد مثل هذه التنظيمات الانتهازية بتكريس الطائفية والتمايز بين مكونات البلد فأصبحت العراق بتولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء هناك ضمن جملة تغييرات رئاسية يؤمل أن تستنهض هممها لمواجهة الظروف الراهنة في العراق والتي تسترعي المزيد من كثافة الوعي السياسي والتعاون الدولي للحد من التمدد الانتهازي لمثل داعش , أعود كما وعدت أعلاه إلى الصحفي جيمس فولي ومقتله المخيف الذي يضيف رقماً ضمن سلسلة استهداف مستمرة للصحفيين في أكثر من موقع عالمي ساخن حيث يدفعون بأرواحهم ثمناً لنقل حقيقة الأحداث في تلك المواقع دون أن تواجه تلك المقاتل سوى بالإدانة الباردة من قبل المنظمات المهنية التي تستنكر وتشجب فقط كما تفعل " اليونسكو " منظمة التربية والثقافة العالمية بعد قتل عدد من الصحفيين في أكثر من موقع , والسؤال كيف يمكن كف مثل هذه التصرفات أو حتى الحد منها باعتبارها تتجاوز أبسط مسلمات الحروب والقتال وتتعدى على الحقيقة والحرية المكفولة عالمياً لإبرازها ومواجهة مثل هذه التجاوزات غير الإنسانية تستلزم موقفاً عالمياً حازماً يفعل المواثيق التي تحترم الدور المهني للصحفيين أينما كانوا وندعو لموقف من كل الإعلاميين والصحفيين للقيام بدورهم لمواجهة هذا الفكر , ومع أن حديثنا عن المواثيق قد لا يعني داعش بالضرورة باعتبار هذا التنظيم المفلس لا يقر بميثاق أو أخلاق .