15 سبتمبر 2025
تسجيللا شك ان الجمعيات والمؤسسات الخيرية ـ بما فيها صندوق الزكاة ـ تلعب أدواراً جد مهمة وفاعلة، ليس فقط على الساحة المحلية، بل تجاوزت ذلك إلى الساحة العربية والإسلامية والدولية، وهو امر يحسب للقائمين على هذه الجهات الخيرية ولأهل الخير والمحسنين الذين يقدمون دعما ايجابيا كبيرا لتلك المؤسسات والجمعيات. إلا ان الواقع يقول انه من الواجب الالتفات بصورة اكبر للداخل، من حيث تقديم المساعدات والدعم للاسر المحتاجة والأسر المتعففة، التي قد لا تسعى إلى ابواب تلك الجمعيات والمؤسسات، خجلا وحياء، وأملا بالله أولاً بأن تتحسن الأوضاع التي تعيشها، وثانيا املا في ان تسعى تلك الجهات للبحث عن الأسر المحتاجة فعليا لتمد لها يد العون والمساعدة. هناك اسر عديدة هي بالفعل بأمس الحاجة إلى المساعدة، خاصة في ظل الحياة المعيشية المرتفعة، ومتطلبات الأسرة والابناء، الآخذة بالازدياد، مع محدودية الدخل الخاص بهذه الأسر، خاصة بعد الارتفاع الكبير في ايجار المساكن، وهو الامر الذي يضيف اعباء جديدة على تلك الأسر، مما يعني ان اوضاع الأسر المتعففة والمحتاجة محليا قد اختلف، وربما زاد ايضا بأعداد اكبر، وهو ما يعني ضرورة الالتفات اكثر للداخل. كثير من الأسر المحتاجة عندما تسألها عن الاسباب التي تجعل منها تعزف من الذهاب إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية أو صندوق الزكاة، يكون الرد ان الإجراءات المتبعة في هذه الجهات تنفر الفئة المحتاجة من القيام بذلك، فالاساليب المتبعة تضع رب الأسرة أو المرأة التي تذهب طالبة العون والمساعدة في وضع حرج، وتشعرهم بنوع من الاذلال ـ ان صح التعبير ـ دون مراعاة للحالات التي تقف امامهم، فهناك عناصر ممن يقومون باستقبال الطلبات الخاصة بالمساعدات، يمارسون عمليات استجواب مع من يذهب اليهم، بل ان بعض الموظفين والموظفات في هذه الجهات يقوم بتكذيب ما يرد في بحث الحالة التي تجرى عادة لمن يتقدم بطلب المساعدة، ويصبح الامر ان طالب المساعدة كاذب حتى يثبت العكس، وليس ان طالب المساعدة صادق حتى يثبت العكس. نعم قد تمر حالات على هذه الجهات يكون مقدم الطلب يمارس احتيالا أو يدعي حاجة، ولكن هذا الشيء، انما هو ليس الاساس الاستثناء، بالتالي يجب عدم القياس على الحالات الاستثنائية، وجعلها قاعدة، ومن ثم يتم التشكيك في مصداقية الفئات التي تتقدم طلبا للمساعدة، أو وضع إجراءات غير منطقية، وشروط تعجيزية لصرف هذه المساعدات. نعم نحن مع النظام العام، ومع الانضباط، ووضع شروط ومعايير لصرف هذه المساعدات، وتقديم الدعم للمحتاجين، اسرا وأفرادا، ولكن لا يكون ذلك على حساب الحالات الانسانية، التي يعاني البعض منها كثيراً حتى يتمكن من الحصول على مساعدة مالية، بل ان معاناة البعض منها قد يمتد اشهراً حتى يتم الإيعاز بالصرف لها. كذلك من المهم ان الافراد الذين يتم اختيارهم لاستقبال طالبي المساعدات، أو الباحثين، في الاقسام الرجالية والنسائية، يجب ان يكونوا على دراية بالمهام التي يقومون بها، والاعمال التي يؤدونها، وليس مجرد تأدية عمل، فالتعامل مع صاحب الحاجة، ومن يأتي طالبا مساعدة، بحاجة إلى فن وتواضع وتقدير الحالات التي تقف امامهم، والإنصات جيدا اليهم،...، لذلك من المهم ان تكون هناك دورات دورية للعاملين في المجال الخيري، قبل الدفع بهم في هذه الواجهات الحيوية. نحن نقدر مساعي وجهود هذه الجهات على جميع الاصعدة، وفي نفس الوقت نريد مضاعفة جهودها على الساحة المحلية، والتركيز بصورة اكبر على الأسر المحتاجة والمتعففة بالداخل، والتسريع في عملية اكمال البحث، والإجراءات الخاصة بالحصول على المساعدات، والنظر إلى هذه الحالات بتفهم اكثر.