16 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا لو سقط أردوغان؟!

24 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أقرب للطرافة الحديث عن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو الذي يقف وراء المحاولة الانقلابية التي يعود الفضل بفشلها أولاً لله عز وجل، وثانياً لبطولة الشعب التركي وبسالة الشرطة وبعض قِطع الجيش وشجاعة أردوغان وحنكته. أفهم أن يُقال إن أردوغان استغل ما حدث لتحقيق أهداف طالما أراد تحقيقها، من تطهير للجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام، وإقصاء من يسعون لعرقلة طريقه، لكن أن يُقال إن أردوغان رتّب الانقلاب على نفسه فهذا يدعو للضحك أكثر مما يدعو للنقاش، خاصة أن المعلومات التي تتكشف يومياً تشير إلى أنه لولا لطف رب العباد لكان أردوغان وراء القضبان أو تحت التراب.بما أن الله منّ على الأتراك بفشل محاولة الانقلاب، فقد بات من المتاح افتراض أن المحاولة نجحت، وأن أردوغان سقط، وتمكنت الفئة المنقلبة في الجيش من السيطرة على مقاليد الحكم، ما الذي كان سيحصل؟ صحيح أن "لو" تفتح عمل الشيطان، لكن من المفيد استخدامها في بعض الأحيان لتعلّم الدروس والعبر والاتعاظ.من نافل القول، أن نجاح الانقلاب ستكون أولى نتائجه إعدام الرئيس رجب طيب أردوغان وأبرز رجاله، وهو أمر لن يكون مستغرباً ولا طارئاً على أداء الجيش التركي الذي سبق له إعدام عدنان مندريس أول زعيم منتخب واثنين من وزرائه بعد الانقلاب على حكمه عام 1961. بل إن حقد المؤسسة العسكرية على أردوغان سيكون أكبر، بعدما نجح خلال سنوات حكمه من تقليم أظافر هذه المؤسسة في الحياة السياسية، ودفعها للقيام بالدور المطلوب منها فقط وهو حماية البلاد والحدود. وربما ستكشف لنا قادم الأيام عما كان يخطط لفعله الانقلابيون بأردوغان وفريقه لو أنهم نجحوا بانقلابهم.لايحتاج الأمر لخبراء اقتصاد للاستنتاج أن الانقلاب لو نجح كانت ستكون نتائجه على الاقتصاد كارثية. فالقاصي والداني يشهد بأن أبرز إنجازات حكم أردوغان هو النقلة النوعية الكبيرة التي أحدثها في الاقتصاد التركي، ولعلّ هذا الأمر هو الذي ساعد "الطيب" على الحفاظ على أغلبيته البرلمانية، وتوسّع شعبية حزبه عند كل استحقاق انتخابي سواء كان بلدياً أو نيابياً. فالشعب التركي - الذي يناصر أردوغان أو يعاديه- لاينكر دور الأخير في الانتعاش الاقتصادي الكبير الذي باتت تعيشه البلاد بفضل رؤيته الاقتصادية، وكذلك نظافة كف فريقه المساعد.الأمر الآخر الذي سيكون بديهياً بالنسبة للانقلابيين هو عودة العلمانية بوجهها القبيح المعادي للإسلام والرافض للسَمت الإسلامي. فمنع الحجاب والتضييق على الملتزمين لن يكون مستغرباً، وسيتم إقصاء جميع من تبدو عليهم أمَارات الالتزام الديني من مؤسسات الدولة وإداراتها، كالوزارات والأجهزة الأمنية والجامعات والمدارس ووسائل الإعلام و..، وربما اعتقالهم وسجنهم لارتكابهم جريمة مخالفة الطابع العلماني للدولة. كما أن التضييق على الإعلام الذي تذرع به البعض لانتقاد أردوغان سيجده الأتراك نعيماً أمام ما سيقوم به العسكر الذين جُبلوا على قمع من يخالفهم الرأي، والنموذج القمعي الانقلابي في مصر ليس عنّا ببعيد.الانعكاسات السلبية لو قدر للانقلاب النجاح لن تقتصر على الأتراك فقط، وإن كانوا هم المعنيون مباشرة به. فارتدادات الانقلاب ستكون كارثية على الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية، ففي الشأن السوري ستجد قوى المعارضة المنتشرة في المناطق المتاخمة للحدود التركية نفسها بين فكي كماشة الجيش التركي من جهة وجيش النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه من جهة أخرى. وعلى الشعب السوري المكلوم الترحم على المساعدات التي كانت تصل إليه من تركيا وعبرها.. كما أن المخطط الكردي لإنشاء دولة مستقلة ستُعبّد له الطريق، ليس لأن الانقلابيين يوافقون عليه، بل لأن الوضع الداخلي بعد الانقلاب سيكون من الترهل والضعف بما لايسمح للجيش لمواجهة مخطط مماثل، إلى جانب ضعف النظام السوري وكذلك العراقي. أما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فعلى أبناء قطاع غزة أن ينسوا المساعدات التركية الموعودة، والطاقة الكهربائية التي ستمدهم بها تركيا، وكذلك إنشاء مصنع لتحلية المياه.دول كثيرة كانت تتشوق لنجاح الانقلاب وربما ساعدت عليه، وهو ما ستكشفه الأيام، فالتجربة الأردوغانية شكلت للكثيرين تحديا من الصعب منافسته، فكشفت فسادهم وتآمرهم على شعوبهم، وهؤلاء معنيون أكثر من الانقلابيين أنفسهم على إطفاء هذه التجربة المضيئة، كي لاينتبه العالم لظلمهم وظلامهم.