11 سبتمبر 2025

تسجيل

علي السادة

24 يوليو 2016

توقفت كثيرا قبل أن أشرع في الكتابة عن هذا الاسم الذي سيبقى برغم رحيله مثل شعلة نور في ذاكرتنا، نحن الذين عشنا معه لسنوات ولمسنا إخلاصه ووفاءه لعمله ولمن حوله. لذا تأخرت في الكتابة عنه، وها قد مرت أسابيع على فراقه المؤلم لنا ولمكانه في الإذاعة، لم تسعفني الكلمات حينها ولا التعبير ولا الأفكار لأكتب عنه ولو كلمة واحدة، لا شيء سيكون بمستوى تلك الصدمة وذلك الألم الذي شعرنا بهما حين رحل فجأة تاركا وراءه سيرته العطرة التي ملأت قلوب كل الذين عرفوه. علي السادة كان إحساسا إنسانيا مختلفا وإبداعا إعلاميا لا يتكرر، لم يبخل يوما بفكره وإبداعه الجميل على عمله الذي سيبقى يحمل بصمته المميزة. ولو دخلنا مكتبة الإذاعة لوجدنا تلك الكنوز التي تحمل اسمه تضيء بأجمل الأفكار وتومض عن إحساس لا يتكرر. أعمال سجلت لتصلح لكل زمان ومكان. فقد كان علي السادة يعيش في زمن العمل ويضع كل إحساسه فيه ويرحل مع العمل إلى حيث يتوجه العمل ليعطيه فضاءً خاصا به. علي السادة كان يحول المادة أو النص الذي بين يديه إلى إحساس يحمل أجمل آيات الإبداع، إلى عمل تتجسد فيه كل فنون الإعلام جمعتني به برامج عدة ورأيته كيف يصنع من الكلمة فضاءً وعالما مختلفا، رأيته كيف يمزج بين الموسيقى والمعنى وكيف يجتهد لتكون الأغنية تناسب المادة وكيف يبحث في عمق الأغنيات وكلماتها وألحانها ليتأكد هل هي مناسبة لأن تذاع أم لا. كان يحترم المستمع لدرجة أنه لا يرضى بأي مادة قد لا يستفيد المستمع منها شيئا. العمل كان بالنسبة له تنفس وحياة، كان يعشق الزمن القديم الجميل فقد وضع أجمل إحساسه ومشاعره في برنامج الموروث الشعبي الذي قدمه على مدى حلقات مع الزميلة أماني كامل، ومن بعد ذلك معي ومع الزميل محمد العمري، وفي عالم المنوعات أخرج برنامج "حياكم الله" على الهواء مباشرة ليخرج في تلك الفترة بلون آخر من ألوان برامج الهواء، لون يحمل بصمته وفن انتقاءه الجميل. أبدع في إخراج البرامج الوطنية والتراثية والتاريخية والوثائقية مثل برنامج "حدث في مثل هذا اليوم"، وللأسف فمساحة المقال لا تكفي للتحدث عن عالمه الجميل الذي نعيشه في أعماله، ولكن كلي أمل وثقة أن الإذاعة لن تتردد لحظة في إعادة بث هذه الأعمال ليبقى اسم علي السادة حاضرا بيننا وفي الأذهان رغم رحيله المؤلم. رحمه الله وتغمده بواسع رحمته وغفرانه وعلى روحه منا السلام.