05 أكتوبر 2025

تسجيل

نحو استثمار اقتصادي إعلامي.. الجزيرة نموذجا

24 يوليو 2013

قرأت مقالا موزونا للكاتب أشرف فهمي عن المسؤولية الاجتماعية الإعلامية، حيث يؤكد فيه، أنه بعد أن تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات لابد من ظهور نظرية جديدة في الساحة الإعلامية؛ فبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد أن استُخدمت وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية. ويرى أصحاب هذه النظرية أن الحرية حق وواجب ومسؤولية في الوقت نفسه، ومن هنا يجب أن تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، ويمكنها القيام بهذه الالتزامات من خلال وضع مستويات أو معايير مهنية للإعلام مثل الصدق والموضوعية والتوازن والدقة - ونلاحظ أن هذه المعايير تفتقد إليها نظرية الحرية – ويجب على وسائل الإعلام في إطار قبولها لهذه الالتزامات أن تتولى تنظيم أمورها ذاتيا في إطار القانون والمؤسسات القائمة، ويجب أن تكون وسائل الإعلام تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة للجميع من خلال النشر والعرض، كما أن للجمهور العام الحق في أن يتوقع من وسائل الإعلام مستويات أداء عليا، وأن التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن أن يكون مبرره تحقيق هذه المصلحة العامة؛ أضف إلى ذلك أن الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب أن يكونوا مسؤولين أمام المجتمع، بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية". ويؤكد السيد فهمي أن هذه النظرية تهدف إلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيه والحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى. ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة، أو العنف، أو ما له تأثير سلبي على الأقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل في حياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص أن يمتلكا وسائل الإعلام في ظل هذه النظريات، ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام. في الحقيقة كلمات الكاتب جاءت في وقت مهم، خاصة في هذا الوقت، الذي تقوم بعض وسائل الإعلام، بتزييف الحقائق، في محاولة منهم لتشكيل رأي عام مساند لقضايا ليست ذات مصداقية. وبهذه المناسبة، أقول لبعض الوسائط الإعلامية النزيهة: "لله دركم" وأنتم تواجهون حربا ضروسا من ساسة، وصناع قرار، ومن زملاء المهنة ومدعي الإعلام، وأجهزة مخابراتية، وغيرهم، لإفشال جهودكم الإعلامية في سبيل نقل الحقيقة. وكم يستغرب المرء حينما يجد قامات إعلامية، ومؤسسات ذات صيت وحضور كبير قد ابتعدوا كل البعد عن الممارسات المهنية، التي توافقوا عليها، من خلال مواثيق شرف، ومعايير مهنية. وبهذه المناسبة، اسمحو لي أن أقدم "تعظيم سلام" لقناة الجزيرة التي تحملت الكثير في سبيل ترسيخ منهج محترم للتغطيات الإعلامية المتوازنة، لتؤسس بذلك لمرجعية إعلامية مسؤولة، وأن تقوم بواجب أخلاقي تجاه الكثير من شعوب الدول، من خلال إنصاف أصحاب الحقوق والمطالب المشروعة التي طالما غاب عنهم الإعلام الرسمي في العديد من تلك البلدان، والتي لم تكن أبداً تلك المؤسسات الإعلامية الرسمية نبضا للشارع، وتعبيرا عنه. فالإعلام مسؤول، حتى ولو كان إعلاما خاصا، هدفه الاستثمار التجاري، وهذه المسؤولية تزداد أهمية حينما يكون هذا الإعلام إعلاما رسميا.