14 سبتمبر 2025

تسجيل

السودان وقيعان اللظى

24 يوليو 2011

بعد انفصال الجنوب، أضحى السودان يجوب عباباً لا قرار له من الخطوب والندوب التي أرخت سدولها على هامة وهالة الوطن، وتضافرت فيها مؤامرات زمرة من كلاب الجحيم التي لا تتوقف عن النباح المدوي وغيرها من ذرية من الخلوقات حديثة العهد بالسياسة فأحدثت قعقعة كهزيم الرعد القاصف التي أفقدت القادة نبراس الحياة وفراسة الحكم. علم إسرائيل الذي رفرف عالياً في فضاء عاصمة دولة الجنوب يمثل بعبعاً على الخوف والخيانة والخزي والعار: عار على الأمة العربية والإسلامية التي جعلت السودان ومقوماته الحضاري ومقدساته الإسلامية للنهب والسلب والتدمير والخراب للعالم الغربي وربيبته غير الشرعية الدولة العبرية المارقة على القوانين والأعراف الدولية، يحق للسودان أن يخشى التسارع الإسرائيلي بالاعتراف بدولة الجنوب وعزمها إقامة علاقات إستراتيجية لا تتوقف عند الدعم الاقتصادي، وإنما تتعداه لتصبح شوكة مؤلمة في خاصرة الوطن. وإذا ما ترك السودان وحلفاؤه الهلاميون جنية الليل الشمطاء "إسرائيل" تعربد في الجنوب فإن السودان سوف يصبح فلسطين جديدة يخوض الصعاب وحيداً في عتمة الليل الشاحب، وأشجان العالم الغارق في الفوضى والضباب الكثيف. كما أن إخوة الأمس من دولة جنوب السودان لم يشف غلهم وحقدهم انفصال دولتهم، بل عقدوا العزم على تحرير ما تبقى من السودان، وتبدى ذلك جليا في خطاب رئيس دولة الجنوب سلفاكير حينما أشار صراحة بأنهم لن ينسوا إخوتهم في جنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، والسؤال العصبي على الإجابة هو: لماذا سمح أو يسمح السودان لما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال للعمل في الشمال وإطلاق عبارات التحريض النارية التي تدعو للفتنة والشاق والانشقاق؟ المشهد المؤلم في دارفور يزيد مشكلات السودان تعقيداً، فاتفاقية سلام دارفور التي تم التوقيع عليها مؤخراً في العاصمة القطرية الدوحة رغم أهميتها إلا أنها لم تضع حلا نهائيا للأزمة، وفي انتظار لحاق حركات: خليل إبراهيم، وعبدالواحد نور، ومنى مناوي، فإن قطار السلام الهويني يسير الهويني ما لم تعترضه شبكات التآمر وما أكثرها! لقد أدى انفصال دولة الجنوب إلى تداعيات اقتصادية لا يمكن تجاهلها أو تناسيها، فمع فقدان عائدات البترول، أضحت أوضاع المواطنين في حالة أقرب إلى الكفاف: فالغلاء الفاحش انعكس بصورة مباشرة على تدني الخدمات ومستلزمات الحياة اليومية البالغة السوء.. والعكارة! إن المرحلة الحالية التي يمر بها السودان تتطلب من المؤتمر الوطني أن يدرك حجم المخاطر المدوية التي يواجهها السودان، وأن يعمل بسرعة فائقة على إعادة هيكلة الدولة، وتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة تضم جميع الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، وجميع القوى الفاعلة في المجتمع. أملاً في إنقاذ السودان إنقاذاً حقيقياً من دوامات الرياح الهوجاء، والسحب الدكناء، وضنك الحياة، وقيعان اللظى المتأجج.