11 سبتمبر 2025
تسجيلفي وقت تذبح فيه الأمة من الوريد الى الوريد، في فلسطين ولبنان والعراق . . . ، وأصقاع أخرى من العالم العربي والإسلامي، فأينما اتجهت بناظريك تجد الامة مثخنة بالجراح، والعدو يوغر عدوانه بمزيد من الهمجية والوحشية، دون أن يجد ذلك نصرة على المستوى الرسمي. في هذا الوقت، وهذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة، كان من المفترض على وسائل الاعلام، خاصة المرئية منها اذا ما تجاوزنا القرار الرسمي في العواصم العربية أن تقف صفا واحدا للدفاع عن قضايا الامة، وان تكون جزءا لصيقا من الرأي العام، وتطلعات الشارع العربي، الذي ينشد اليوم اكثر من اي وقت مضى الوقوف معه، والتعبير عن آماله وآلامه، إلا أن ما يحدث اليوم من قبل بعض وسائل الاعلام المرئية تحديدا، انها انفصلت عن الرأي العام، وضربت بتطلعات الشارع العربي عرض الحائط، ولم تعد قضايا الأمة تمثل هاجسا لها تدافع عنه بالكلمة والصورة، بل أصبحت تتحدث بلغة هي بعيدة تماما عن الشارع العربي، لغة ليست بالعربية ، بل هي اقرب إلى (العبرية) منها إلى (العربية). فضائيات تسمي العدوان والهمجية والوحشية التي تمارسها الدولة العبرية اليوم في فلسطين ولبنان، ب (الهجوم) الاسرائيلي، وتسمي شهداء المجازر الصهيونية ب (القتلى)، هذا فضلا عن بعدها عن العدوان الغادر، وحرب الإبادة التي تمارسها الدولة العبرية في لبنان وفلسطين، وعدم قيامها بنقل تلك الاحداث التي تدمى لها القلوب، بل إن هناك قنوات فضائية فضائحية إن صح التعبير الى هذه اللحظة تبث (سموما) طوال ساعات ارسالها، ولا علاقة لها ابدا بما تعيشه الأمة من مآس ، ولا تراعي أبدا مشاعر الجماهير العربية، او اولئك الذين يحترقون بقنابل وصواريخ العدو، بل يظهر أنه لم يصلها بعد ما يمر به لبنان الجريح، وفلسطين القتيلة، والعراق المحتل. والحق يقال إن قناة (الجزيرة) تظل هي الملجأ للمواطن العربي في التعبير عن قضاياه، وتظل هي السند الوحيد للدفاع عن قضايا الامة، وتظل هي النبض الذي ينبض بالحياة، بين فضائيات فقدت الحياء. (الجزيرة) منذ اللحظة الاولى للعدوان الصهيوني على لبنان وقفت بحق وصدق الى جانب هذا البلد الشقيق، بل وقفت الى جانب الحق، وإلى جانب قضايا الامة، وهذا ليس بالامر المستغرب على هذه القناة، التي طالما وقفت في الخطوط الاولى وفي خندق الدفاع عن الامة، وقدمت الشهداء في سبيل ذلك، ورفضت الترهيب والترغيب من أجل تغيير نهجها وموضوعيتها، فاذا كان اخواننا في فلسطين ولبنان والعراق يقاومون ويقدمون الشهداء، فان (الجزيرة) هي الاخرى تمثل مقاومة صامدة في وجه كل الضغوط، وتمثل سندا لكل مقاوم، وتمثل لسانا صادقا لكل مواطن عربي حر شريف. (الجزيرة) جزء اصيل من هذه الأمة، تنقل بصدق وشفافية ما تتعرض له أمتنا من أزمات، وما تعيشه من واقع مرير، وما يتعرض له الشارع العربي من ضغوط من اجل تحطيم معنوياته، وإقناعه بالقبول بالامر الواقع المعاش . ما بين (الجزيرة) والفضائيات التي تدعي انها تتحدث العربية، هناك فرق شاسع، فرق ما بين الثرى والثريا، بين من تنشد التعبير عن حال الامة، ومن تنشد التعبير عن الانظمة.