10 سبتمبر 2025
تسجيلمقام الأدب مقام رفيع، والحديث عنه حديث ماتع ذو فوائد، ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين) «أدب المرء عنوانُ سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استُجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب». وما سُمي الأدب أدباً إلا «لأنه يؤدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح». فكم في الأدب من محاسن ومباهج! وكم في الأدب من جمال! وكم في الأدب من راحة بال!. وكم في الأدب من حياة للإنسان!. وكم في صُحبة الأدب من أدب! قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله «الأدب: الأخذُ بمكارم الأخلاق». فمجتمع بلا أدب مجتمع ضائع وتاه.. وأمة بلا أدب أمة لا قيمة لها وطريقها أشواك وهلاك تعيش في صحراء قاحلة جرداء.. وعالم بلا أدب عالم يعيش في شتات ولو تقدم في العلم وبنى ناطحات السحاب، وأقام البنيان، وملك ما ملك». قال الإمام عبدالله بن المبارك: قال لي مخلد بن الحسين (رحمهما الله) «نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث». وصدق أمير الشعراء رحمه الله: وَجدتُ العلمَ لا يبني نفوساً ولا يُغني عن الأخلاقِ شيَّا بالله عليكم ما فائدة أن تكون الأول في كل شيء، ولكنك تسقط في مادة الأدب؟!. وما فائدة أن تحمل أفضل الألقاب ودرجة عليا في المناصب، ولكن ترسب في مقرر الأدب والقيم؟!. وما جدوى أن تكون مشهوراً ويتهافت الناس عليك في منصات التواصل وغيرها، ولكن تلبس ثياب قلة الأدب؟!. لَيسَ الجَمالُ بِأَثوابٍ تُزَيِّنُنا إِنَّ الجَمالَ جَمالُ العَقلِ وَالأَدَبِ لَيسَ اليَتيمُ الذي قَد ماتَ والِدُهُ إِنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلمِ وَالأَدَبِ نحن نعيش أزمة أدب وذوق في ميادين الحياة - إلا ما رحم الله-، فإن اتجهت وأرسلت عيناك وتقدمت رجلاك وأرجعتها للوراء تجد قلة الأدب وتطاولا وتعديا على قيمة ومقام الأدب، وطعنا في منظومة الأخلاق والقيم الإنسانية التي فطر الله تعالى عليها الناس. ولم تتوالَ علينا التوافه والسفاسف، ولم تدخل علينا الرزايا إلا يوم أن هجرنا الأدب سلوكاً وممارسة. أليست المجتمعات تتساقط وتتهاوى رغم تقدمها العلمي في كل المجالات!. عجيب أمر المجتمعات تنجح في مادة العلم وعالم المعرفة والابتكارات والاختراعات وتسقط في مادة الأدب والأخلاق سقوطاً مدوياً بشعاً. وما نراه اليوم شاهداً على هذا السقوط والتردي والانحلال والانحدار بكل أوصافه القبيحة!. «إنّ من أحبكم إليَّ، وأقربكُم منّي مجلساً يوم القيامةِ أحاسنكم أخلاقاً». أليس هذا توجيها وإرشادا وحثا على مقام الأدب والالتزام به في حركة الحياة ممارسة وسلوكاً من خير البرية صلى الله عليه وسلم معلم البشرية حُسن وجمال الأدب! ◄ «ومضة» حياة الإنسان بلا أدب شقاء وتعب! [email protected]