20 سبتمبر 2025

تسجيل

واشنطن.. الاندهاش ليس كافيًا

24 يونيو 2017

أزمة مفتعلة ربما أرادوها "علاجا بالصدمة"! وكان نصيب قطر أن تكون كبش فداء.. عقيدة العلاج بالصدمة، تقوم على استغلال كارثة، سواء كانت انقلابًا، أو هجومًا إرهابيًا، أو انهيارًا للسوق، أو حربًا، أو تسونامي، أم إعصارا، أو حتى شيطنة عدو مصنوع من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالات الطبيعية.. المؤمنون بعقيدة علاج الصدمة في الأزمة المفتعلة مع قطر، خططوا لـ"شيطنة" قطر وتصويرها بُعبعا بهدف وضع مواطنيهم في حال من الصدمة الجماعية، لتمرير سياسات واتخاذ قرارات صعبة مثل رفع جميع أشكال الدعم لمواجهة الضغوط المالية الناتجة عن سوء التصرف في الثروة القومية.بعد مضي نحو 3 أسابيع على حصار قطر الظالم أقرت واشنطن بزيادة الشكوك حول الإجراءات التي اتخذتها السعودية، والإمارات ضد قطر.. الخارجية الأمريكية عبرت عن دهشتها وأوضحت المتحدثة باسمها قائلة "نحن مندهشون من عدم كشف دول الخليج للرأي العام أو للقطريين لائحة بالتفاصيل حول شكواها من قطر". وتابعت "ليس أمامنا سوى سؤال بسيط واحد: هل الإجراءات ضد قطر نابعة فعلًا من قلق إزاء مزاعم بدعمها للإرهاب؟".. رغم هذا "الاندهاش" يعتبر أقوى موقف للخارجية الأمريكية منذ بدء الأزمة إلا أن مسؤولية الولايات المتحدة باعتبارها دولة عظمى تتطلب مواقف أبعد من التعبير عن الاندهاش. حتى الآن أجرى وزير الخارجية الأمريكية أكثر من 20 مكالمة هاتفية واجتماعا مع قادة خليجيين واجتماعين شخصيين مع نظيره السعودي، ورغم ذلك لا تزال الأزمة تراوح مكانها.. قطر من جانبها نفت الاتهامات هلامية الشكل والمضمون، وما هي إلا حجج واهية بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني. بيد أن الدوحة في ذات الوقت أكدت موقفها الإستراتيجي الداعم لحل الأزمة عبر حوار حضاري عقلاني قائم على أسس سليمة تعارف عليها المجتمع الدولي وقبل ذلك قيم الأخوة الصادقة.لقد كشفت الأزمة عن خلل عميق الجذور في تفكير العقل السياسي خليجيا وعربيا.. فعندما نتحدث عن مجتمع أو أمة تجمعها وشائج الأخوة والدين فإنه لا يمكن تصور أن تسري عليه قوانين لُعبة السياسة في علاقات أفراده بعضهم ببعض.. فتلك اللُعبة لا تصلح بالضرورة لتنظيم علاقات مجتمع واحد كالمجتمع الخليجي، وإلا فإن تلك الوشائج والروابط تكون حبرًا على ورق وتنفصم بها العُرى ويبقى حال ذلك المجتمع كحال سائر المجتمعات. يقيني أن تعاطي قطر مع الأزمة من خلال عدم التعامل بردود الأفعال وتطبيق سياسة المعاملة بالمثل، وهو شأن لعبة السياسة، أثبت أن قطر تغوص في عمق الإخاء ووشائج القربي وتلتزم بالقيم العربية الأصيلة.. ومع ذلك التخندق القيمي، أثبتت قطر أنها في ذات الوقت تنتهج نهجا تنمويا فريدا في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهي بذلك فرضت وجودها باعتبارها دولة تمتلك رؤية مغايرة وغير تقليديَّة للرؤية الخليجيَّة المتحفظة أحيانًا لدرجة بعيدة والمنفتحة أحيانًا أخرى لدرجة أبعد وبشكل غير رشيد.ساعات قليلة ويطل علينا عيد الفطر المبارك، وقطر وشعبها يعيشون ظلم ذوي القربى الذي هو أشد مضاضة من وقع الحسام المهندي.. نقول للأشقاء المتربصين بقطر الوادعة، العيد فرصة لتجديد حُسن الظن في الله ثم في نفوسنا الأمارة بالسوء وأيضا فيمن حولنا حتى يطيب عيشنا.. عيد قطر هو من دون شك مناسبة لاعتناق الفرح وتجديد الثقة في القرار الوطني رغم المحن والإحن.. مع نسمات صباح العيد الأولى سترن نواقيس أطفال قطر صادحةً وتعلو ضحكاتهم البريئة مرددة تحيا قطر الشموخ والعِزّة.. حتى عصافير دوحتها الوريفة ستُزقزق فرحةً مبشرةً بالعيد تحت الحصار وأي حصار ظالم هو؟