12 سبتمبر 2025

تسجيل

الشيخ ابراهيم بن عبد الله الانصاري (4)

24 يونيو 2016

أخلاقه كان الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن الأنصاري -رحمه الله- صعب المراس في تمسكه بالحق وله في هذا المجال قصص تروى ..من ذلك ما حدث له مع أمير منطقة (جفر مسلم) حيث حصل خلاف بين أمير المنطقة وأحد الأهالي على مجرى ماء النخيل، وكان صاحب الحق هو الضعيف، فحاول أن يأخذ حقه من الأمير فلم يستطع فشكاه إلى الخان (وهذه وظيفة كان يتبعها أمراء المناطق) فكتب الخان إلى الأمير يبصره بالشكاية التي رفعها له صاحبه بخصوص الشجار على مجرى الماء، وأنه لا بد له (أي الأمير) أن ينطلق هو وصاحبه إلى الشيخ إبراهيم الأنصاري ليحكم بينهما، فأرسل الأمير الخطاب إلى الشيخ إبراهيم، الذي قام فوراً ومعه ثلاثة من المحكمين من كبار أهل البلاد إلى مكان الخلاف وعاينوه على الطبيعة، وتأكد لهم جميعاً أن الأمير غير محقٍ، وأنه متعد على صاحبه، إلا أن الأشخاص الثلاثة اعتذروا عن إبداء رأيهم علناً، خوفاً من سلطة الأمير وسطوته، فكتب الشيخ إبراهيم الحكم وسلمه بيد المدعي الذي حمله بدوره إلى الأمير، وما أن قرأه الأمير حتى طاش غضباً، وأخذته العزة بالإثم، وأرسل بعض جنوده إلى الشيخ إبراهيم، فأتوه وهو يقرأ القرآن وناداه كبيرهم: يا شيخ إبراهيم: الأمير يدعوك.فأجاب: حالاًوأخذ عباءته وتوجه إليه، وما أن وصل مجلسه حتى بادره بالكلاميا شيخ إبراهيم هل أنت الذي حكمت لمدالي (يعني لمحمد علي)؟فأجابه: هذا حكم الله الذي حكم به الشرع، وليس حكمي أنا.قال الأمير: أنت مفتر في حكمكفأجابه: الحكم بيدك، أرسله إلى من شئتقال الأمير: لن أرسله، ولن أنفذ حكمكقال الشيخ: بهذا تكون قد عصيت الله وما كانت معصيتك لشخصي أنا..قال الأمير: لا تكثر الكلام وإلا سجنتكقال الشيخ: إذا تكون قد ارتكبت معصية ثانية وهيي أنك تظلم من نصحك بالحق، وبهذا تكون من الأمراء الجائرين..قال الأمير بعصبية: خذوه إلى السجن..كان الوالد الشيخ وقوراً، مهيباً وكانت هذه الهيبة تدخل قلب كل من رآه ولو لأول مرة،ولذلك تهيب الجنود في تنفيذ أمر الأمير، وتحيروا فانقذهم الشيخ بكلمة قالها:- من يدلني على السجن.. سأذهب إليه وحدي.. لأنني أدرك تمام الإدراك أنه لن ينفذ أحد أمرك هذا.. وبذلك فإنك تثير الفتنة والشر بيني وبين جنودك.. بيدك القوة، ولكن لا تنسى أن الله أقوى منك.وانتفض قائماً فتلقاه أحد الجنود ليمسك يده، فجذب يده منه وكانت بيده مسبحة انفكت وانفرط عقدها وتناثرت حباتها. وقد قيل فيما بعد ذلك أن بعض الحبات وجدت على بعد أربعين متراً من المجلس.يقول- رحمه الله- في هذه الحادثة: هنا قدرة إلهية لاشك. لا أزال أحمد الله عليها.. فقد كان يستطيع أن يأمر الجنود بالقبض عليّ، ويكون ما يكون ولكن الله أدخل في قلبه الخوف والوهن والرعب، فكان أكثر ما ردده: يا حسون ، اذهب معه ودله على السجن.