11 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا تبحث عن حكومتها

24 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا أحد، حتى المعارضة، كان يتوقع أن تفضي الانتخابات التركية إلى تشكيل حكومة ائتلافية، لذا فإن الجميع يعيش حالة ذهول، بما في ذلك أحزاب المعارضة، لأن أحدًا لم يفكر أبداً بما الذي ينبغي فعله بعد سقوط حزب العدالة والتنمية.لقد أشارت جميع التوقعات التي سبقت الانتخابات التركية العامة، إلى تضاؤل نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية بين الناخبين الأتراك، وإلى وجود احتمال تقلص عدد المقاعد التي يشغلها الحزب تحت قبة البرلمان، وهذا ما كان الجميع يتوقعه، لكن التوقعات تلك لم تشر البتة إلى إمكانية مغادرته للسلطة. لقد أراد الناخب التركي توجيه "صفعة تحذيريّة" لحزب العدالة والتنمية، إلا أن تلك الصفعة كانت ثقيلة نوعًا ما، بحيث أنها قد تؤدي إلى إزاحة الحزب من السلطة.سقوط حزب العدالة والتنمية لم يكن متوقعًالقد خيمت أجواء ضبابية على الحياة الاقتصادية والإعلامية والسياسية في تركيا، بعد السقوط غير المتوقع لحزب العدالة والتنمية، خاصة أن الكتل والأطياف التركية المعارضة، قد استجمعت قواها وعقدت تحالفًا غير معلن للحد من الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات. لقد ركّز ذلك التحالف على قضية واحدة فقط، وهي خفض عدد الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية للحد من قوته، ولا أعتقد أن هدف ذلك التحالف كان إسقاط العدالة والتنمية عن السلطة، فهو لم يكن يدري أساسًا أنه وصل إلى هذه المرحلة من القوّة، أو أن سقوط حزب العدالة والتنمية من السلطة ستكون بهذه السهولة. لذا، فإن التحالف لم يفكر بما يمكن فعله في حالة غياب العدالة والتنمية. تشهد الساحة السياسية في تركيا خلال هذه الآونة، إنتاجًا محمومًا للمشاريع والأفكار والمقترحات لإنشاء حكومة ائتلافية، حيث تسعى "قوى التحالف السري"، إلى إزالة العدالة والتنمية بشكل تام من الساحة السياسية، من خلال جمع أحزاب المعارضة الثلاثة التي تمكنت من دخول البرلمان تحت سقف حكومة ائتلافية، في الوقت الذي أعرب فيه "كمال قليجدار أوغلو" رئيس حزب الشعب الجمهوري (المعارضة الرئيسية)، عن رغبته بتقديم منصب "رئاسة الحكومة" لزعيم حزب الحركة القومية التركية، في حال قبل الأخير عقد تحالف معه، علمًا بأن ذلك المنصب هو حق الشعب الجمهوري، صاحب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية بين أحزاب المعارضة. هذا إلى جانب أن حزب الشعب الجمهوري الذي يسعى لإزاحة العدالة والتنمية عن الحكم حتى لو كان الثمن تنازله عن "رئاسة الحكومة"، قد نال دعم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يستند بأنشطته السياسية على الهوية الإثنية الكردية. رفض زعيم حزب الحركة القومية التركية، "دولت باهجه لي"، العرض الذي تقدم به "قليجدار أوغلو" بشدة، ملمحًا بأن العرض لم يكن يستند إلى قواعد أخلاق السياسة وأعرافها، مشيراً إلى ضرورة وجود حزب العدالة والتنمية في أي حكومة ائتلافية مقبلة، ومشددًا على استحالة مشاركته بأي حكومة يكون حزب الشعوب الديمقراطي طرفًا فيها. ائتلاف يجمع بين العدالة والتنمية والحركة القوميةلم يكن أحدٌ في تركيا مستعدا لأن يصبح على حياة سياسية من دون العدالة والتنمية، إلا أن البلاد باتت ملزمة الآن بتشكيل حكومة ائتلافية، فيما تؤيد شريحة كبيرة تأسيس حكومة ائتلافية تجمع بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، إلا أن الحركة القومية تضع شرطين أساسيين، يقفان حجر عثرة أمام تشكيل أي حكومة ائتلافية بين الحزبين. حيث تشترط الحركة القومية إنهاء عملية "السلام الداخلي"، التي أطلقها حزب العدالة والتنمية لإيجاد حل نهائي للمشكلة الكردية في البلاد، وترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقصر الرئاسي الذي بني حديثًا (ويعرف باسم بيش تبه)، وعودته إلى القصر القديم (المعروف باسم جانقايا). إن موافقة العدالة والتنمية على إيقاف عملية "السلام الداخلي"، سيؤدي إلى فقدان الحزب لشعبيته في الأوساط الكردية بشكل تام، وسيجعل من الشعوب الديمقراطي الحزب الوحيد الذي يمثل الأكراد، ما يثير ردود فعل عنصرية في عموم البلاد، لذا فمن الصعب إنهاء "عملية السلام"، كما من الصعب الطلب من أردوغان إخلاء القصر الجمهوري والعودة إلى القصر القديم، فضلًا عن أن أردوغان لن يقبل أصلًا بمثل هذا. في الواقع، إذا ما فشلت جميع السيناريوهات السابقة في تشكيل حكومة ائتلافية، فستجد البلاد نفسها أمام انتخابات مبكرة، ومن المتوقع أن يكون ذلك في نوفمبر المقبل. وبرأيي الشخصي، فإن أي حزب من الأحزاب لا يريد التوجه لانتخابات مبكرة. ولا أعتقد إجراء أيّ انتخابات مبكرة قبل عامين من الآن. قريبا ستشكل حكومة ائتلافية تجمع العدالة والتنمية والحركة القومية، إلا أن ذلك سيكون بداية لمرحلة صعبة ستشهدها تركيا.