19 سبتمبر 2025

تسجيل

أكذوبة الحرب على الإرهاب !!!

24 يونيو 2014

بعد أحداث أمريكا عام ٢٠٠١ م برزت ظاهرة الحرب على الإرهاب التي تزعمها آنذاك الرئيس الأمريكي بوش الابن والتي غلفها في البداية بطابع ديني صليبي عندما صرح بأن حربه على ما سماه (الإرهاب) ستكون حربا صليبية!! ولعل أحدهم أوعز إليه بأنه ارتكب حماقة كبيرة في إعلان ما ينوي فعله فحاول تبرير قوله ولكن الواقع بعد ذلك أثبت أنه كان يعني ما قال.بوش الابن استدعى تاريخ الحروب الصليبية التي دعا إليها البابا إربان الثاني حيث أمر المسيحيين بالتوجه إلى بيت المقدس لاسترداد القدس من أيدي المسلمين، وهكذا بدأت الحرب التي استمرت مائتي عام والتي انتهت بطرد الصليبيين من بلاد المسلمين.وفعلا بدأ بوش ينفذ حربا صليبية قذرة ضد المسلمين، بعضها كان معلنا وبعضها الآخر كان يُخطط له في الخفاء وقد كشفت الأحداث بعد ذلك بعض ما كان مخبئا ومازالت الأيام حبلى بالأحداث فالحرب التي بدأت لم تنته بعد فمازال الكثير مما يودون فعله هذا إذا سمحت لهم الظروف بفعلها. احتلال أفغانستان ثم العراق كان بداية تلك الحرب المعلنة، ولم تكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي السبب فيها وإن كانت مبررا للتسريع فيها، وقد قيل الكثير عن هذه الأحداث مما لا يتسع هذا المقال للحديث عنها. محاربة الإرهاب - كما قيل آنذاك - كانت هي السبب وراء تلك الحروب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأرواح البريئة ومازالت أرواح المسلمين تحصد حتى الآن وكل ذلك يتم تحت غطاء مكافحة الإرهاب، وللأسف فإن بعض المسلمين يشارك في هذه الحرب بوعي أحيانا وبغباء في أحيان أخرى!! المجتمع الدولي ومنذ ٢٠٠١ م وحتى الآن لم يضع تعريفا محددا للإرهاب رغم الاجتماعات الكثيرة التي عقدت من أجل محاربة الإرهاب، والهدف أن الدول الكبرى تريد تفصيله بحسب المقاسات التي تريدها ؛ فما هو إرهاب اليوم قد لا يكون إرهابا غدا، فالبعض يستخدم (الإرهاب) لمحاربة خصومه السياسيين، أو المطالبين بالإصلاحات السياسية أو الاقتصادية، فهؤلاء إرهابيون يجب محاربتهم وسجنهم واضطهادهم، ولأنهم (إرهابيون) فلا يجوز لأحد الدفاع عنهم، والدول الكبرى - خاصة أمريكا - تحدد مواقفها من هذه القضايا حسب مصالحها ؛ فالمتظاهرون في أوكرانيا ضد الروس محقون في مطالبهم أما المتظاهرون في بعض الدول العربية ولنفس الأسباب فهي أما أن تصمت على قمعهم أو تساعد عليه، أما ما تفعله إسرائيل من قتل وسجن وتشريد ضد الفلسطينيين فهي محقة فيه بل وتجب مساعدتها عليه!! من جانب آخر فإن مصطلح (الإرهاب) جُعل هلاميا كي يسهل استخدامه في محاربة الإسلام ومعاداة أهله؛ فبعض الدول تخشى من الاتهام بالعنصرية إذا كشفت صراحة عن عدائها للإسلام والمسلمين فلجأت - كاذبة - إلى الادعاء بأنها تحارب التطرف الإسلامي، وقد تكرر هذا الكلام على لسان قادة أمريكا وبعض قادة أوروبا، وأيضا يردده بعض المسؤولين العرب دون التمييز بين ما هو تطرف حقيقي أو تطرف مصطنع.إن المتتبع لأحاديث الغرب عن (الإرهاب) أو ما يسمونه (تطرفا) أحيانا يجد أن هذه الاتهامات محصورة على المسلمين وحدهم دون سائر خلق الله مع أن الإحصاءات التي صدرت عن الغربيين أنفسهم تؤكد أن الغالبية العظمى ممن يمارس الإرهاب هم من الغرب ومن أمريكا، لكن هؤلاء في عرفهم ليسوا إرهابيين!! والشواهد كثيرة جدا ومنها ما يحصل حاليا من قتل آلاف المسلمين في ميانمار وسيريلانكا وإفريقيا الوسطى وغيرها، فهذه المذابح على بشاعتها لم تصنف إنها عمل إرهابي، ولم تتحرك الأمم المتحدة لإيقافها ومحاكمة مرتكبيها!! وأيضا فرنسا عندما قتلت آلاف المسلمين في مالي لم يقل أحد أنها تقوم بعمل إرهابي بل صفق لها الكثيرون لأنها كانت تحارب المتطرفين الإسلاميين، بل إن بعض الدول العربية قدمت لها مساعدات مالية من أجل ذبح المتطرفين! وعندما قام جيش مالي بعد ذلك بذبح المسلمين لم يتهم بالعنصرية أو ممارسة الإرهاب والسبب أن القتلى من المسلمين!! من المؤكد أنهم كذبوا علينا عندما أقنعوا بعضنا بأنهم يحاربون الإرهاب وهم إنما كانوا يحاربون الإسلام والمسلمين، وفي مقال جميل كتبه معالي الشيخ صالح الحصين - رحمه الله - ونشر بعد وفاته أورد كثيرا من النصوص التي تؤكد ما ذهب إليه وهو: أن الحرب المزعومة على الإرهاب إنما حرب إيديولوجية على الإسلام، ومن النصوص التي أوردها قول وزير خارجية أميركا الأسبق (هنري كيسنجر): (إن الإسلام العربي هو العدو الجديد)، وكذلك قول وزير الدفاع في عهد بوش الابن (ديك تشيني): (الإسلام هو العدو البديل)، وأيضا فإن لجنة الحادي عشر من سبتمبر أكدت أن مصطلح الإرهاب مصطلح مضلل وأوصت بإعادة تسميته ليحوي تأكيدا إيديولوجيا أكبر ضد الإسلام. ونقل الشيخ الحصين في مقاله نصوصا تؤكد أن الحرب على الإسلام هي الهدف النهائي من كل ما يقال إنه حرب على الإرهاب.المجتمع الدولي عامة وأمريكا على وجه الخصوص - وهي أكثر دولة تتحدث عن الإرهاب – لا يعني لهم الإرهاب شيئا إلا إذا مس مصالح دول بعينها أو مصالحهم بشكل خاص، فمثلا: قتل بشار الأسد عشرات الآلاف من السوريين مستخدما الأسلحة المحرمة دوليا كما هجر الملايين ومع هذا لم يقل المجتمع الدولي إنه قام بعمل إرهابي، كما أن أمريكا لم تتخذ أي إجراء ضده بل إنها ضغطت على كل الدول التي كانت تنوي تقديم المساعدات العسكرية للثوار لمنعهم من ذلك، فعلت كل ذلك من أجل إسرائيل، وأيضا كي لا يصل الإسلاميون إلى السلطة، وفي العراق مارست الدور نفسه فسكتت عن إرهاب المالكي لأنه صنيعتها، وهكذا نجد الشيء نفسه يتكرر في كل بلد يقتل فيه المسلمون، فلا أمريكا تصف القتلة بالإرهابيين ولا أوروبا تستنكر ما يحدث لهم وبالتالي لا أحد يتدخل لحمايتهم. الغرب والأمريكان مثلهم ومنذ فترة طويلة جعلوا من الإسلام عدوا لهم - خاصة الذي أطلقوا عليه الإسلام السياسي - وقرروا محاربته بكل طاقتهم ولكن بصورة لطيفة تجعل الآخرين يتقبلون فكرة محاربته، كما تجعل شعوبهم - أيضا - تقتنع بما يقومون به؛ فعندما يصفون المسلمين بالتطرف وأن أعمالهم تلحق الأذى بأمريكا والغرب عندها تقتنع غالبية شعوبهم بجدوى حرب أولئك المتطرفين حتى وإن كانوا في أقصى الأرض، أما قادتهم فلا يعنيهم إلا تحقيق أهدافهم في محاربة الإسلام الذي قرروا اتخاذه عدوا لهم!! ومن هنا لا نستغرب كيلهم بمكيالين في موقفهم من الإرهاب ومن يقوم به!! الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي كله وفي دول الخليج بشكل خاص لقيت من الأمريكان حربا شعواء، فاتهموا الجمعيات والقائمين عليها بأنها تدعم الإرهاب، ولفقوا لبعضهم تهما كاذبة ليجدوا مبررا للضغط على دولهم لإغلاقها، كانوا يعرفون أنهم يمارسون أسوأ أنواع الكذب ولكنهم كانوا يهدفون إلى تجفيف منابع الخير والدعوة إلى الإسلام فقالوا كذبا: إنهم يريدون تجفيف منابع الإرهاب!! أما جمعياتهم التي تنفق المليارات على تنصير المسلمين وبأبخس الطرق فهي تسرح وتمرح في معظم أنحاء العالم ولم يصفها أحد منهم أنها تقوم بعمل إرهابي أو تدعم الإرهاب!! وهكذا نجد الشيء نفسه لكل الجمعيات الأخرى التي تتبع كل الأديان والملل الأخرى تتحرك بحرية تامة وتتلقى الدعم الذي تريده وبحرية تامة.أعتقد أن الأمريكان ومن يدور في فلكهم يعرفون تماما أن قهر الشعوب والاستيلاء على مقدراتها وكبت حرياتها هو الذي يقود إلى الإرهاب، كما أن الاستعمار - على غرار ما تفعله إسرائيل - هو الذي يجعل الشعوب تقام مستعمرها بكل الوسائل التي تملكها، لكنهم لا يريدون الإقرار بذلك لأنه لا يحقق مصالحهم في استغلال مقدرات الدول الإسلامية، وإذا كنت أعتقد أنهم يمارسون عملا إرهابيا ضد عالمنا العربي - خاصة - والإسلامي - عامة - فإنني أعتقد أن الساكت عن مقاومة ما يفعلون يمارس إرهابا بحق بلاده أسوأ من إرهابهم. خدعونا طويلا بحديثهم عن الإرهاب والتطرف الذي يمارسه المسلمون وحدهم من دور سائر البشر، وكذبوا علينا كثيرا، صدقهم البعض وكذبهم البعض الآخر، وجاء الوقت لنقول لهم: كفى كذبا وخداعا، نعم بعض المسلمين يقومون بعمل إرهابي، والمسلمون هم أول من ينكره ويتصدى له، وحتى ما حصل في أمريكا في ٢٠٠١ م بادر المسلمون إلى إنكاره وشجب فاعليه ولكن الإرهاب ليس منتجا إسلاميا حتى يوصم به المسلمون وحدهم به، واتخاذه ذريعة لاستغلال بلادهم ومحاربة دينهم يجب أن يتوقف، ولن يوقفه إلا وعي الشعوب العربية والإسلامية بهذه المخططات واتحادها جميعا من أجل وقفها.