18 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا يدمن البعض؟

24 يونيو 2013

الإدمان مرض قديم في تاريخ الإنسانية، يرجعه البعض إلى قدم وجود الإنسان على الأرض. وبالتالي يروي لنا التاريخ أنه لاتوجد حضارة لم تدون معاناتها مع مشاكل الإدمان في السابق أو في الوقت الحاضر. وهذا الوضع بالطبع يثير تساؤلات عديدة لدى العلماء وأطباء النفس، لماذا ياترى يلجأ البعض منا إلى الدخول في دائرة الإدمان في وقت ما من حياته؟ وهل كل من يدخل لايستطيع الخروج مرة ثانية كما يتصور البعض؟ أم أن هناك طرقا يستطيع أن ينفذ منها من براثن الإدمان؟ ولقد دأب العلماء على دراسة إجابات لهذه الأسئلة حيث يرى عديد من الباحثين أن سبب دخول بعض الناس إلى الإدمان يرجع إلى طبيعة شخصية هؤلاء البشر. حيث يفسر العلماء ذلك بأنهم يرون أن الإنسان عادة إذا ما واجه مشكلة أو أزمة شديدة في حياته فإنه توجد أمامه عدة اختيارات فأما أن يكون لديه من القوة والإرادة لأن يواجه ويقتحم هذه المشكلة ويخرج منها على أي حال، وإما ألا يكون لديه هذه القدرة على المواجهة وهنا يستطيع البعض أن يلجأ إلى حلول انسحابية بأن يأخذ خطوة أو خطوتين إلى الخلف أو أن يعطي ظهره إلى المشكلة ويتجاهلها تماماً. أما الجزء الأكثر عرضة وقابلية لحدوث الإدمان هم الأشخاص الذين لايستطيعون أن يواجهوا الأزمات ولا أن ينسحبوا منها، لأن هؤلاء يفتقروا إلى الوسائل التي يدافعون بها عن أنفسهم تجاه الأزمات ولذا نراهم يتعرضون لمعدلات عالية من القلق وهذا قد يدفع البعض منهم إلى محاولة تعاطي المخدرات بهدف تغيير الوعي بالواقع حتى يخفف من أحساسه بالألم النفسي المستمر ـ وهذا بالطبع يعود عليه بالأثر الإيجابي المؤقت ـ حيث يشعر بأن معدل القلق والألم النفسي قد انخفض لديه بدرجة كبيرة أثناء فترة الغياب أو التغييب العقلي الذي يعيشه ـ بالرغم من أنه لم يفعل شيئاً ليحل به المشكلة ـ بل إنه قد يكون عقّد المشاكل أكثر مما كانت عليه، إلا أنه يشعر بشكل عام بالراحة والاسترخاء لأنه ينتقل من عالم الحقيقية إلى عالم الخيال الذي صنعه لنفسه، وهنا يتعلم سلوكاً جديداً بأنه كلما شعر بالضيق أو الألم من الواقع لجأ إلى التعاطي لكي يخفف عن نفسه هذا الإحساس المؤلم، وشيئا فشيئا تأخذه هذه الرمال الناعمة التي سقط فيها إلى أعماق كبيرة قد لايستطيع أن يخرج منها بمفرده أو بسهولة، وكلما مر به الوقت كلما يشعر بالتكيف وبالاستقرار في عالمه الجديد الذي صنعه لنفسه. ولذلك فإن الطريق الذي قد يساعده على الخروج لايجب أن يكون من خلال النقد أو التوبيخ المستمر له أو التهديد والوعيد الذي يزيد من درجة القلق لديه وبالتالي يدفعه إلى مزيد من التعاطي لكي يغيِّب عقله أكثر وأكثر. وإنما الحل يكمن في قدرة المجتمع والمحيطين به على استيعاب هؤلاء الأشخاص ومحاولة الفهم العميق لطبيعة شخصياتهم واحتياجاتهم النفسية والصعوبات التي لايستطيعون أن يتغلبوا عليها في الحياة، وهنا يكمن المفتاح الحقيقي والرئيسي في حل مشاكل الإدمان.