08 أكتوبر 2025
تسجيلقطر اليوم أقوى وما قبل الحصار ليس كما بعده هكذا تتقدم الأمم من يملك العزيمة و الارادة يملك القدرة على توظيف الظروف لنموه و تطوره ، من رحم المعاناة تولد القدرات ، فليس من المستغرب ان الكثير من التطورات و الاختراقات كانت نتيجة الازمات و الحروب ، فالولادة تأتي من شدة المعاناة و اللحظات التي يعتقدها الفرد او الامة انها ذروة المعاناة و ان ما بعدها الهاوية ولكن ما بعدها يكون الانفراج و التحسن و إعادة تشكيل الصور الذهنية عن مدى صدقية الفرضيات التي تحكم سلوكياتنا ، فمن نعتبره الجار و السند و نعتمد عليه و في داخلنا نعتقد اننا غير قادرين على المضي من غيره ، يتضح انه هو العقبة و بالنظر لكيفية ممارساته نتيقن انه كان سبب الكثير من الانتكاسات في محيطنا، من المدهش مدى هشاشة الكثير من صورنا الذهنية عن الواقع و علاقات الواقع ، و الازمات تسمح لنا بفحص هذه الفرضيات عن انفسنا و عن قدراتنا و عن قدرات الاخرين ، وكم تضيء احداث الازمات رؤيتنا بأنفسنا و من هم حولنا على المستوى الفردي او الجماعي ، ما قبل الحصار ليس كما بعده و ما كنا نعتقده انه حقيقي و راسخ اصبح هشا و مقرفا.. وعندما نملك المسافة الكافية لرؤية سلوكيات دول الحصار و تمنحنا المسافة الموضوعية نرى الى اي مدى ان ازمة الحصار كانت نعمة فقد استغللنا تلك الظروف لنحصل على استقلالنا في قراراتنا دون الرجوع لتلك الدول التي ارثت للمنطقة والعالم ويلات الحروب و المجاعات و تفكيك المجتمعات ، كم من عمل غير انساني و اجرامي في حق شعوب المنطقة و شعوبهم و الشعوب العربية ، و الامر ما زال في بدايته فالمحاكم الدولية وراءهم و الشعوب لن تغفر لهم الهدر في ثروات الشعوب و سفك الدماء و تفكيك النظم ، الارتقاء على الازمات هو المحرك الباعث لتدعيم الاستقلال في القرار الاقتصادي و السياسي و الذي اعطى قطر مكانة عالمية و اقليمية مشرقة مؤطرة بالانسانية و الاعمال الخيرية، ولكن قطر اليوم اقوى وأقدر و أسمى و اصبحت تملك حزمة من النظم و احجار الاساس الاقتصادية و السياسية ما كانت لولا الحصار فالتحالفات اليوم ما كانت خاصة مع اقطاب المنطقة من تركيا الى ايران مما وفر لقطر الامن الاقليمي و المكانة العالمية و محبة الشعوب خصوصا انها كانت صامدة في وجه عواصف المؤامرات من دول الحصار . والكل يعلم مدى ما واجهته قطر في سبيل المحافظة على ثوابت الامة و المبادئ الانسانية ، هي الازمات و لا تفترق الازمة المالية و ازمة النفط و لا ازمة كورونا فيروس عن باقي الازمات ، هذه الثقافة اكتسبتها و ترسخت في المجتمع القطري و ما يدعم ذلك اساسيات الثقافة القطرية في مفاهيمها من التلاحم الى الثبات على المبادئ العربية الاسلامية ، لكن التحدي هو كيف يمكن نقل هذه التجربة لنظامنا التعليمي حيث تصبح رؤيتنا للأزمات على انها محفز للنجاح و مكون كوني قادح للتغير و من يمتطيه للمعالي فهو قد اصاب كبد الحقيقة و عمل الصواب بدل الشكوى او الخنوع للظروف و هذا يواجهه الفرد و المجتمع و إذا كان الفرد و المجتمع محصنا ضده اي عدم التقهقر امام الازمات حصلت النهضة و تحقق التقدم ، لذلك يرى الجميع ان التعاطي مع الازمات من خلال الثوابت في سياسات الدولة و تدعيمها من الاكتفاء الذاتي و هو احد مكاسب معاناة الحصار الى الاكتفاء الدوائي و رفد الصناعات الوطنية و المحلية لكي تكون احجار اساس لمواجهة اي ازمة طارئة ، وكل ازمة تفرض ظلالها الثقيلة على المجتمع ولكن اذا ارتقى المجتمع عليها بلغ رقيا و سموا اعلى وكل ازمة هي درجة في سلم العمل و الابداع ، لذلك اذا ابدعنا في كيفية التعامل مع كورونا سيقربنا لطموحاتنا فقد خلخل الفيروس الصورة الذهنية عن واقعنا ، ليخرجنا من العمل التقليدي و الروتين الى رؤية قطر في التحول الرقمي و القفز لاقتصاد المعرفة و تظل الازمات جرس انذار ان البشرية في حاجة للانتقال لمصاف اعلى و تحتاج تفحص واقعها و عدم الارتكان للصور الذهنية التي تكونت في ظروف مغايرة و عالم مختلف و يجب الخروج على المألوف و تجربة رؤى مختلفة و بناء تصورات تعتمد المتغيرات و التحولات التي طرأت على العالم و نحن مشدودون بصورة الماضي. [email protected]