16 سبتمبر 2025

تسجيل

"أياماً معدودات"

24 مايو 2018

في قوله تعالى: (أياماً معدودات) بين يدي قوله: (شهر رمضان)؛ يقول المفسرون إن هذا من باب التخفيف عنهم والرفق بهم والتلطف، فهو يهون عليهم المسألة. إن رمضان ليس إلا (أياماً معدودات) فصوموها وامتثلوا أمر ربكم ولا تستثقلوها! وما الشهر وما العمر في النهاية إلا أياماً معدودات. ودائما يمر الشهر كلمح البصر فالحذر أن تذهب أيامه هدراً، حاسب نفسك كم من الوقت يمضي في النوم، كم من الوقت يمضي أمام الشاشات، وكم من الوقت يمضي في وسائل التواصل؟ وكم من الوقت خصصته للنجاة يوم القيامة؟!!! إلى متى نستعمل (سوف)؟ وإلى متى ننتظر (لعل)؟ وإلى متى نقول (غداً)؟ وإلى متى ننتظر (الموسم القادم)؟ وهل يضمن الإنسان عمره؟ هل لدى أحد وعد بأنه باق إلى رمضان آخر ليعوض ما فات، ويستدرك ما نقص؟ إنها أيام معدودات، وليال محدودات، لا تتصور أن بها نهاية رمضان، بل تخيل أنها نهاية عمرك، أو أنها نهاية الدنيا كلها، لو قيل: لم يبق إلا هذه الأيام، وسوف تطوى صفحات حياتك، وتلفظ أنفاسك، وتودع دنياك، وتوضع في قبرك، وتقبل على ربك ما الذي ستفعله؟ ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها، واليوم الذي مضى لن يكرر.  قال أبو الدرداء والحسن رضي الله عنهما: إنما أنت أيام كلما مضى منك يوم مضى بعضك. إنا لنفرح بالأيام نقطعها... وكل يوم مضى يدني من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا... فإنما الربح والخسران في العمل قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره؟ كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وحياته إلى موته؟. إن رمضان أيامٌ معدوداتٌ، وفرصٌ سانحاتٌ، وإن اغتنامها لدليل على عقل وكياسة وفطنة، ذلكم أن الوقت رأس مال الإنسان، وساعات العمرِ هي أنفس ما عني الإنسان بحفظه ولئن كان حفظُ الوقتِ مطلوباً في كل حين، فلهو أولى بالحفظ في الأزمنة المباركة، ولئن كان التفريط فيه وإضاعتُه قبحاً في كل زمان، فإن قبح ذلك يشتد في المواسم الفاضلة.