14 سبتمبر 2025

تسجيل

ليس دائما.. يمكن لعدو اليوم أن يكون شريك الغد

24 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نشر أحد الصحفيين الإسرائيليين قبل عدة أيام مقالا بعنوان "عدو اليوم يمكن أن يكون شريك الغد" ويحاول المقال أن يصل بالقارئ إلى نتيجة مفادها بأن حركة حماس من الممكن أن تكون طرفا شريكا في عملية التسوية مع الاحتلال كما تحولت حركة فتح من حركة مسلحة مقاومة للاحتلال إلى سلطة لا تمتلك سوى خيارات ضعيفة في الغالب. ويبرهن الكاتب على صحة فرضيته بأن الجلوس مع ياسر عرفات في أوائل التسعينيات كان من أنواع المستحيلات ولكن ذلك في فترة قصيرة تحول إلى صفحات التاريخ وجلس عدد من رؤساء وزراء إسرائيل مع عرفات وتوصلوا لاتفاقيات وتفاهمات.ومن خلال ربطه بحدث جديد لا يعلم مدى صحته يحاول الكاتب أن يضفي حيوية على فكرته بأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي حاول الموساد اغتياله في 1997 قد منع تنفيذ عملية عسكرية كبيرة كانت كتائب القسام قد خططت لتنفيذها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في صيف 2014 وذلك تحسبا لعواقبها السياسية.يلاحظ أن توقيت هذا المقال يأتي في ظل الحديث عن انزعاج السلطة الفلسطينية من احتمالات وجود قنوات حوار بين حماس وإسرائيل بالرغم من نفي حماس لحدوث ذلك لذا فإنه ليس من المستبعد أن يكون هذا المقال لإذكاء الخلافات المتقدة أصلا أو ضمن أفكار تسعى لتحفيز السلطة لمزيد من التنازلات من خلال تخويفها بتركها والحوار مع حماس.وخاصة أن المقال يتحدث عن قدرة خالد مشعل على ضبط القرار وإلزام الجناح العسكري بقواعد معينة مما يدل على التنظيم المؤسسي الهرمي داخل الحركة ويضيف لهذا قدرة الحركة على الفوز في انتخابات جامعة بير زيت مؤخرا بالرغم من حجم التضييق الكبير عليها هناك في محاولة للإشارة إلى أن الحركة هي الطرف الأقوى في الجانب الفلسطيني بالرغم من الدعم الإسرائيلي للسلطة وعلاوة على ذلك فقد دعا الكاتب إلى عدم الانزعاج من تصاعد حماس وفوزها في الانتخابات أو من أي خيار آخر للشعب الفلسطيني. وتعليقا على ما جاء في المقال فإن الواقع المتدهور الذي تعيشه منظمة التحرير وتجاهل كل النداءات الداعية لإصلاحها هو الذي يخلق أوضاعا مثل هذه حيث إن انقسام الجانب الفلسطيني وضعف السلطة وتراجع شعبيتها وظهورها في أكثر من موقع بصفة غير حريصة على حقوق الشعب الفلسطيني ساهم أيضا في تأزيم الموقف.لا أعتقد أن وجود قنوات حوار بين حماس مع الاحتلال فيما يتعلق بقضايا تبادل الأسرى يمثل مشكلة بل على العكس ولكن أيضا لا يمكن أن تتحول حركة حماس إلى موقع السلطة الفلسطينية وتنخرط في عملية تسوية مع إسرائيل وذلك لعدة أسباب أولها القناعة الفكرية والإيديولوجية والفشل الماثل لعملية التسوية وتنكر الإسرائيليين لها واعتماد حماس لخيار المقاومة كخيار إستراتيجي إضافة لوجود بعض الفروقات بين الحركتين، والتي منها العمل العسكري من الداخل الفلسطيني وخاصة أن إسرائيل لم تستطع القضاء على القوة العسكرية للحركة خلال3 حروب متتالية.وفي هذا السياق فإن الكاتب الذي يحلم بشراكة إسرائيلية مع حماس قد دعا أيضا إلى استمرار محاربة العناصر الإرهابية من وجهة نظره في محاولة منه لفصل السياسي عن العسكري وهذا إن لم يكن مستحيلا فهو صعب جدا خاصة مع وجود أجيال فلسطينية تربت على عدم التفريط بحقوقها وما زالت مستعدة للتضحية من أجل ذلك ومتعاهدة على عدم التفريط بدماء الشهداء.إن الوضع الذي من شأنه أن يفيد الفلسطينيين والذي ندعو له هو اتخاذ موقف موحد ضمن إطار موحد يمثل كل الفلسطينيين، ولا يهمش أحدا وخاصة أن هناك قبولا مبدأيا بدولة على أراضي 67 وهناك أطراف دولية تبدي مرونة أكبر في تفهم الحقوق الفلسطينية. إن الحديث عن موت العداوات قد يكون في غير الحالة الفلسطينية لأنه حتى في حركة فتح هناك قطاعات لا تؤمن بالشراكة أو السلام مع الاحتلال والشعب الفلسطيني بات أكثر وعيا وتجذرا، لذا فإن الكاتب الذي قاس مقاله على نظرية "لايوجد عداوات دائمة أو صداقات دائمة في العملية السياسية" يبدو أنه قد تأثر بالجو الانتخابي في إسرائيل وتخلي نتنياهو عن ليبرمان وتحالفه مع البيت اليهودي، و لم يعلم بأن هناك استثناءات للنظريات وتحديدا في فلسطين قلب العالم العربي والإسلامي وقضيته المركزية.وختاما،،، فإن حالة الغفلة التي تم احتلال فلسطين خلالها واتفاق أوسلو الذي لا يقبله الشعب الفلسطيني والذي جاء في حالة من الغفلة أيضا قد تبدلت بوعي وفهم وتضحيات متراكمة ما زالت تقف صامدة أمام محاولات طمس الحقائق بالرغم من افتقارها أيضا للمبادرة والمناورة السياسية أحيانا.