22 أكتوبر 2025
تسجيلبرحيل أستاذ الأداء، وديع الصافي ألقى تاريخ الغناء العربي بأجمل حقبة في تاريخنا الحديث إلى بؤرة النسيان، خاصة بعد توقف صوت صباح فخري عن الإنشاد، هذا الأمر سوف يترك للغربان والبوم النعيق فوق فنن الغناء العربي، نعم هناك أصوات تحمل الشجن مثل عبدالمجيد عبدالله، عبدالله الرويشد، حسين الجسمي، نوال، فهد الكبيسي، وعدد آخر، ولكن سوق الغناء تحول مع الأسف إلى بؤرة للنشاز ولمن يملك المال، وأصبح بمقدور أي فرد أن يطلق على ذاته نجم الليالي المظلمة، بل إن بعض الحشرات الليلية لا يرضى سوى بأن يقارن نفسه مثلاً بالفنان الكبير محمد عبده. السؤال المهم مع تعدد الفعاليات التجارية في عدد من البرامج الترفيهية التليفزيونية: ألم يصمد صوت؟ ولماذا مثلاً يأسر صوت ما، تلابيب القلوب ثم يغلف الأمر النسيان؟ مثلاً صوت كارمن المتسابقة المصرية أين هي الآن؟ أتذكر جيداً مسابقة فنية أقيمت في دبي منذ سنوات وكنت عضواً في لجنة التحكيم كيف أن فناناً لبنانياً اسمه محمد العتر قد حصد المركز الأول، أين هو الآن. وكيف أن المتسابق الثالث والرابع وهم الفنان حسين الجسمي وعادل محمود البحريني، يقدمان إبداعاتهم مع الفارق في متطلبات السوق والصدق في الموهبة والقدرة على مواصلة العطاء.ومع أن الحديث عن أعظم فناني هذا العصر، وأعني وديع الصافي، فهل يجود العصر بصوت آخر يماثل أو يوازي ابداعات الصافي، هل يجود الزمن بفنان آخر يملك حضور وتميز وتفرد وديع، ويملك القدرة على العطاء لأكثر من نصف قرن، أم من الندرة أن نرى عبدالوهاب وأم كلثوم وفيروز ووديع آخر؟! الموت حق، ولكل عصر نتاجه، لذا فلا يمكن أن نطلب المستحيل. نعم عصر المعجزات ولى إلى غير رجعة، نعم وديع هو نموذج لنسخة فريدة لا يمكن أن تقلد أو أن تستنسخ، وهذا ما جعل موسيقار الأجيال يراه سيد الأولين والآخرين، والمؤسف أن أحدهم اعتقد أن التميز يكون بالشعر الطويل والخصر النحيل والحركات التي لا تدل سوى على كل ما هو شاذ.وديع سيبقى رمزاً.. وللحديث بقية.