02 نوفمبر 2025

تسجيل

الصراع بين البرزاني وأوجالان

24 مايو 2014

بادرت قوات تابعة لإقليم كردستان العراق الواقع تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني بمداهمة مراكز وجمعيات تابعة أو تؤيد حزب العمال الكردستاني التركي الذي يتزعمه حزب عبد الله أوجالان المعتقل في تركيا.ويأتي هذا التوتر بعدما أعلنت جماعات كردية في تركيا تأسيس حزب تحت اسم حزب كردستان الديمقراطي التركي. وهو يمثل عمليا الفرع التركي لحزب البرزاني.وهذه الخطوة لاشك تحمل دلالات سياسية كبيرة، إذ إن الموافقة في تركيا على اسم حزب يحمل اسم كردستان ما كان ليتم لو لم تكن العلاقة وثيقة بين البرزاني ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان. كما أن الخطوة تعكس سعيا مشتركا بين البرزاني وأردوغان لإضعاف حزب العمال الكردستاني ومحاولة شق صفوف الحركة الكردية في تركيا التي لا تزال غالبية قواعدها تؤيد حزب العمال الكردستاني.وقد ضاعف من التعاون بين أردوغان والبرزاني النتائج الكاسحة التي حققتها الأحزاب الكردية المؤيدة لأوجالان في جنوب شرق تركيا في الانتخابات البلدية الأخيرة والتي اعتبرها الأكراد رسالة قوية نحو إقامة الحكم الذاتي في المناطق الكردية.الخلاف بين البرزاني وأوجالان ليس جديدا، بل من زمن، وعمره من عمر تأسيس حزب العمال الكردستاني في العام 1978 وقد حمل حينها أيديولوجية يسارية ماركسية رأت أن الصراع ضد الإقطاع الكردي لا ينفصل عن النضال من أجل إقامة دولة كردية مستقلة في تركيا. وبطبيعة الحال كان ذلك في عهد الاتحاد السوفيتي، حيث كان البرزاني ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية على أنها القوة التي يمكن أن تحمي الحقوق الكردية في العراق، لكن على أساس إقامة كيان كردي موال للغرب، وهو ما أوقع الشقيق مع أوجالان، إذ إن واشنطن كانت تقف إلى جانب أكراد العراق، فيما كانت تقف ضد أكراد تركيا. أولا لأن واشنطن لا تريد لأكراد تركيا النجاح بزعامة قيادة ماركسية تخدم الاتحاد السوفيتي، وثانيا لأنها لم تكن تريد لتركيا أن تتقسم وهي عضو في حلف شمال الأطلسي وتحتاج إليها موحدة وقوية ورأس حربة في الصراع ضد الشيوعية.ومع أن إقامة فيدرالية في العراق بعد الغزو الأمريكي له والنص على ذلك في الدستور وهو ما اعتبر انتصارا للحركة الكردية التي بات لها عنوان ونموذج يشار إليه، فإن النزاعات الكردية الداخلية لم تلبث أن طفت على السطح من باب الصراع على زعامة أكراد المنطقة.وقد فاقمت الأزمة في سوريا منذ اندلاعها قبل ثلاثة أعوام في إظهار الصراع وتعميقه، إذ إن الحرب الدائرة في سوريا أفرزت حقائق جديدة، من بينها ظهور "كيانية" كردية في شمال شرق سوريا في المنطقة التي يطلق عليها الأكراد اسم "روجافا". وهذا الواقع الجديد شكل مفاجأة للحكومة التركية التي لم تكن تتوقع أن تفرز الحرب في سوريا هذه الحيثية وهو ما أربك حسابات أنقرة، سواء في علاقاتها مع أكراد تركيا أو مع أكراد سوريا.وفي ظل اعتبار إعلان الحكم الذاتي في روجافا انتصارا لفريق أوجالان داخل الحركة الكردية الشرق أوسطية اندفع أردوغان والبرزاني إلى رفع مستوى التحالف بينهما، وقد بدأ ذلك بصورة علنية وجريئة في الاحتفال الجماهيري في مدينة ديار بكر بالذات، أي في معقل أوجالان والذي جمع أردوغان والبرزاني في خطوة مثيرة وغير مسبوقة. وقد قاطعت الأحزاب الكردية في تركيا كلها المهرجان. وقد انعكس تحالف البرزاني مع أردوغان سلبا على إمكانية التوصل إلى حل للمشكلة الكردية في تركيا رغم المفاوضات المتعثرة التي لا تزال قائمة بين الدولة التركية وأوجالان في معتقله.ولقد حذّر العديد من قادة حزب العمال الكردستاني من فشل المفاوضات وانتهاز أردوغان الفرصة للانقضاض على قوة أوجالان في المنطقة وبالتالي انفجار الحرب من جديد بين أكراد تركيا والدولة التركية.وفي ظل الصورة أعلاه فإن الأحداث تسير نحو مزيد من التعقيد والحروب الجانبية بين الأكراد أنفسهم، والحروب الأساسية بين الأكراد وتركيا، في ظل انسداد أفق التوصل إلى حلول للمشكلة الكردية، سواء في تركيا أو في سوريا.