14 سبتمبر 2025
تسجيلكانت بريطانيا في مقدمة الدول المتمسكة بالمحافظة على كيان الباب العالي في أوائل القرن 19.. لماذا؟ تضافرت عدة عوامل ساهمت في إبراز المسألة الشرقية إلى عالم الوجود منها:أ – إن الطريق الذي تستطيع روسيا بواسطته الوصول إلى المياه الدافئة، هو الطريق الذي يصل البحر الأسود ببحر مرمرة، ثم بحر إيجه، وأخيراً بالبحر المتوسط، أي بالمرور من مضيقي البسفور والدردنيل، وهما في حوزة الإمبراطورية العثمانية.ب - إن الدولة العظمى التي يكون لها قواعد قوية في البحر الأسود، ويتسنى لها السيطرة على المضايق، تصبح ذات مركز ممتاز تتمكن بفضله من بسط سلطانها على بلاد الحوض الشرقي للبحر المتوسط، على طريق المواصلات والتجارة من البحر المتوسط إلى الهند والشرق الأقصى.ج – إن الدولة التي تمد نفوذها إلى البلقان، تفرض سيطرتها على الشعوب البلقانية بعد تقلص سلطان العثمانيين على هذه المنطقة، وتصبح ذات مركز ممتاز يمكنها من الاستيلاء على القسطنطينية نفسها، ويهدد باختلال التوازن الدولي في أوروبا.وفي خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر، كانت سياسة الدول – باستثناء روسيا وفرنسا – تدور حول المحافظة على كيان الإمبراطورية العثمانية لأسباب ناشئة من وجود العوامل التي ذكرناها.وكانت بريطانيا في مقدمة الدول المتمسكة بمبدأ المحافظة على كيان الإمبراطورية العثمانية وقتئذ وعندما بات ممكناً ملء الفراغ الذي ينسجم من تقلص النفوذ العثماني عن البلقان تخلت بريطانيا وسائر الدول عن مبدأ المحافظة على الدولة العثمانية وسعت الدول الأوروبية بالفعل لتصفية القسم الأكبر من هذه المسألة باستقلال دول البلقان، وكان من بين الدول البلقانية المستقلة حتى نهاية القرن التاسع عشر: اليونان، ورومانيا، وبلغاريا، والصرب.هذا وبالله التوفيق.