11 سبتمبر 2025
تسجيلنحن الآن في المرحلة الابتدائية، نقلة نوعية من المدرسة الابتدائية الى مكان جديد، بجانب مستشفى حمدة، وحمدة هذه قصة أخرى. لأنها سيدة فاضلة ساهمت بدور بارز في ولادة المئات من نساء هذا الوطن، وكان اشرافها علامة النجاح، وكل النساء يستسلمن لمبضعها دون خوف، ومع ان حديثنا سيكون عن رمز عروبي عشق وطنه حتى النخاع، وأعني المرحوم فتحي البلعاوي، في طابور الصباح في المرحلة الابتدائية وعند المناسبات التي تلامس ذائقة الوطن العربي كان هذا الوطني العاشق لتراب وطنه والممتدة جذور وشائجه الى كل الأرض العربية. من أين كان يأتي بالمفردات؟ كان معينه لا ينضب وهو المرتبط بوثاق لغة الضاد، خطيباً مفوهاً، قليلون بل نادرون من يملكون هذه الخاصية. أما المرحوم فكان جزءاً من بلاغة الضاد، هذا المربي رحل سريعاً، ولم اكن املك من الامر سوى أن اكتب كلمات في رثائه، كان ذلك في عام 1996 ولكن كالرعيل الاول ترك في هذا الوطن عدداً من الاصدقاء والزملاء والتلاميذ، قليلون من يتركون في الذاكرة اسماءهم. بمقدور من مثلاً أن يمحو من ذاكرته اسماء معروف رفيق الشاعر والانسان، أو ينسى المربي الفاضل علي المحمود وبن غباش جزء من ذاكرتنا من المدرسة الابتدائية، علي المحمود بقامته وهيبته وعلمه وتواضعه، هكذا كان اساطين التعليم في تلك المرحلة، اساتذة كثر مروا على الاجيال ولكن من يترك في الذاكرة ملامحه ودوره قليلون، وهكذا يحتل بعض منهم جزءاً من ذاكرتنا. رحلة الاستاذ المرحوم فتحي البلعاوي مع ذاكرتنا منذ الانتقال من المرحلة الابتدائية الى المرحلة الاعدادية، اظن ان اللقاء كان مع بدايات عقد الستينات، من الجائز أنه كان عام 1962 وعذراً للذاكرة في هذا العمر، فيما بعد تعرفت عليه بشكل اعمق عبر التحاقي بالاذاعة وظل ذلك الاستاذ الذي يمدني بخبرته وثقافته الموسوعية في اطار اللغة، نعم.. كانت لغة الضاد لعبته كيف لا؟ وقد غرف من معين لا ينضب، كلية اللغة العربية من الازهر الشريف، هل كان ارتباطه بالازهر دافعاً اسلاميا ان يحمل روحه فوق كتفيه ويترجم رائعة عبدالرحيم محمود "سأحمل روحي على راحتي"؟ وبالمناسبة فإن هذا الشاعر الذي ترنم بهذه القصيدة هو قريب شاعرنا معروف رفيق. ولذا فقد عاش فتحي البلعاوي منذ صباه البكر من أجل اسمى القضايا. وطن اغتصب ظل الحلم يراوده حتى تحقق جزء منه بظهور منظمة التحرير الفلسطينية. [email protected]