14 سبتمبر 2025
تسجيلالمثقفون للكاتبة سيمون دي بفوار من الروايات العظيمة التي لن يمل القارئ من العودة إليها مرات ومرات فهذه الرواية تغوص في أعماق المثقفين في مرحلة مهمة هي مرحلة الخروج من الأزمة بل دراسة مفصلة لجيل ما بعد الحرب من المثقفين في فرنسا هذا التحليل الذي قامت به " دي بوفوار" عبر بطلة الرواية والتي تتمثل شخصيتها في دور المحللة النفسية، تقوم بتحليل نفسية المثقفين الفرنسيين ومقاومتهم للزحف النازي على فرنسا هكذا تعطينا الكاتبة صورة واضحة للعالم الفكري لمرحلة ما بعد الحرب، فنرى بسهولة المناخ النفسي لهذه الشخصيات وتقلباتها والتعرف عليها بسهولة رغم المسافة الزمنية التي تتحدث الكاتبة على لسان أبطالها عما بعد إلقاء القنبلة النووية على اليابان وتحلل هذه الحالة وردود فعلهم حول هذا الموضوع الذي هز العالم في حين لم يتأثر آخرون بالخبر وكأنهم ليسوا من هذا العالم.تقول الكاتبة على لسان أحد أبطال الرواية وهي آن (ألم يكن بإمكانهم أن يلجأوا بادئ الأمر إلى التهديد أو التهويل من خلال القيام بتجربة في الصحراء أو ما شابه... هل كانوا فعلا مجبرين على إلقاء هذه القنبلة على مدينة مأهولة؟) وتتابع قال هنري مدينة كاملة زالت من الوجود. لا بد أن الأمر يسبب لهم إرباكًا على أي حال! قال دوبوروري أعتقد أن هناك سببًا آخر. إنهم مسرورون كل السرور ليبرهنوا للعالم مدى قدراتهم. فبهذه الطريقة يستطيعون أن يمارسوا سيطرتهم دون أن يجرؤ أحد على معارضتهم. قالت آن: وهل قتلوا مائة ألف شخص لهذه الغاية؟ أمعنوا في ذهولهم، أمامهم فناجين القهوة بالقشدة، وأعينهم محدقة في الكلمات المرعبة، وراحوا يكررون على مسامع بعضهم بعضًا الجمل غير المجدية نفسها أحدهم قال قيل في الجريدة إن بإمكانهم تفجير الأرض كلها. وقال آخر شرح لي لارغيه أن الطاقة الذرية إذا تحررت بفعل حادث مؤسف، لا تفجر الأرض فحسب بل تلتهم غلافها الجوي أيضًا وتصبح الأرض أشبه بقمر. قالت آن ما تقوله ليس مطمئنًا عاودوا ركوب دراجاتهم على طريق مشمسة وعندئذٍ فرغت الأغنية المرعبة من كل فحواها. مدينة من أربعمائة ألف نسمة زالت من الوجود وتشوهت طبيعتها. ولم تلق هذه الكارثة صدى في أرجاء العالم. كان نهارًا كغيره من النهارات: السماء زرقاء، والأوراق خضراء، والأرض العطشى صفراء. وكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى من برد الفجر إلى حر الظهيرة. والأرض تدور دورتها العادية حول الشمس غير آبهة بحمولتها من المسافرين على غير هدى. كيف بالإمكان تحت هذه السماء الهادئة كالأبدية، أن نصدق أن لنا القدرة اليوم على تحويل الأرض إلى قمر قديم؟ هي رواية تدرس عقلية المثقفين وأحوالهم في أزمنة الرعب والخوف رواية تستحق القراءة.