19 سبتمبر 2025

تسجيل

الملفات المفتوحة

24 أبريل 2016

يعيش المرء منا لحظات يشعـر وكأنما الدماغ قد قارب أو أوشك على الانفجار، لكثرة ما تخالطه وتغلي وتدور فيه الأفكار والمهمات والمسؤوليات، وكأنما الدماغ قد صار أشبه بشبكة من حبال وقد تداخلت وتشكلت عقدًا كثيرة فيها، لا يعرف كيفية مناسبة لحل تلك العقد.. أو هكذا الصورة تكاد أن تكون بعض الأحيان.التفسير الأقرب الذي أميل إليه لذلك التشابك أو تلك العقد التي نشأت في حبال الدماغ، هو أننا - وبما كسبت أيدينا في غالب الأحوال - نفتح ملفًا تلو الآخر في هذا الدماغ، إضافة إلى تلك التي يدفعنا آخرون لفتحها شئنا أم أبينا، بحيث لا نكاد ننتهي من إتمام موضوع ملف ما حتى نفتح ملفًا ثانيًا وثالثًا وعاشرًا وألفا.. وهكذا نجد أنفسنا بعد حين من الدهر قصير، وقد تحولت أدمغتنا إلى ملفات عديدة مفتوحة شبيهة بمن يفتح صفحات ومواقع عديدة في جهاز كمبيوتر، لا يدري بعد قليل من الوقت أين الصفحة الأساسية وماذا كان يبحث عنه!!يفتح أحدنا ملف مشكلة ما في العمل ثم تجده بعد قليل وقد فتح ملفًا آخر لمسألة عائلية، وثالثًا يختص بصديق أو زميل، ورابعًا حول مشكلة مجتمعية وآخر حول هموم وطنية وهكذا يفتح الملف تلو الآخر، حتى تكون كلها مفتوحة أو مؤجلة، إن صح التعبير، ينتظر كل ملف إتمام المهمة وغلقه وحفظه في أرشيف الذاكرة.. ويبدأ الدماغ بفعل ذاك السلوك يغلي وترتفع حرارته، حتى يصل المرء إلى استشعار ما بدأنا به الحديث في بداية المقال.. توترٌ وقلقٌ وتوهان، لا يدري ما يفعل وبأي موضوع يبدأ، وهكذا حتى تضيع الأولويات عنده.تلك الطريقة في التعامل مع مفردات ووقائع وأحداث الحياة، ربما هي من الأسباب الرئيسية للتوتر والقلق الذي يعيشه كثيرون.. والله سبحانه ما جعل لرجل من قلبين في جوفه، وهي واحدة من الإشارات القرآنية العديدة في هذه الآية الداعية إلى أهمية التركيز والإتقان في أي عمل أو موضوع يهتم المرء به.. والله سبحانه، يُحب إذا عمل أحدنا عملًا أن يتقنه كما في الحديث الشريف. ومن هنا، كلما كان الإتقان والتركيز، كلما قل عدد الملفات المفتوحة، وبالتالي قل التوتر والضغط على النفس، وكذلك الدماغ. وهذا لب موضوع اليوم.