18 سبتمبر 2025

تسجيل

توفيرالغذاء مقصد شرعى

24 أبريل 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ذهب فقهاؤنا إلى أن الزراعة من فروض الكفاية التى يجب على الحاكم أن يهتم بها ويهيئ أسبابها فى الدولة ، لأنها تمثل ضرورة أساسية ، وحاجة رئيسية للمجتمع ، فيقتات الناس من غرسهم ، ويأكلون من زرعهم . وفى فضل الزراعة وتوفير الطعام للنفس وللغير ورد الحديث عن النيى صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم يغرس غرسا ، أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " رواه البخارى ومسلم .وفي سبيل توفير الطعام في الأسواق ليكون في متناول الناس حرم الإسلام الاحتكار ، وهو حبس السلعة بقصد أن تقل في الأسواق فيرتفع ثمنها، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " من احتكر فهو خاطيء " رواه مسلم . وفى رواية أخرى عند الإمام أحمد " من احتكر الطعام أربعين ليلة ؛ فقد برئ من الله ، وبرىء الله منه " .وذلك لما فيه من الإضرار بالناس ، والتضييق عليهم ، وتجويعهم ، من أجل إشباع رغبة الجشع والطمع والإثراء لدى صنف من الناس لا خلق له ، لا تربطه بالمجتمع عاطفة ، ولا ينتمى للإنسانية بلطيف صلة .ومن أجل رواج الطعام في مجتمع الناس وأسواقهم ورد النهي النبوي عن بيع الطعام حتى يقبض . قال ابن عمر : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إذا اشتراه أحدكم حتى يستوفيه ويقبضه " مستخرج أبي عوانة النيسابوري.وقد ذهب الفقهاء إلى أن المشتري للطعام لو باعه ، وهو في يد البائع قبل قبضه كان بيعه باطلا كما ذكر الإمام الطحاوي الحنفي.والمتتبع لعلل الأحكام الشرعية في الطعام يعلم أن رواج الطعام ، وتيسير تناوله مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية ، كما يقرر علَّامة تونس الطاهر بن عاشور.وأهم ما يزرع في عالمنا اليوم القمح ؛ لأنه يمثل عصب الغذاء العالمي ، كما أنه القوت الغالب لبلادنا العربية والإسلامية ، ويعد إهمال زراعته جريمة في حق شعوبنا ، كما يعد تأخير استيراده ضائقة ، ويمثل حبسه عنا مجاعة ماحقة وكارثة محققة . ولذلك كان توفير الطعام وفي الرأس منه زراعة القمح فريضة شرعية وضرورة حياتية . ووفقا لتقرير مشترك لكل من البنك الدولي ومنظمة الفاو صدر عام 2009، فإن البلدان العربية هي أكبر مستورد للقمح في العالم. وقد اتخذت بعض الدول الكبرى فيتو على زراعة القمح في بعض البلدان العربية فلا تستطيع أن ترفع عينها في وجهها ، مما جعلها رهينة الرضا الغربي والشرقى ، ليس في الغذاء وحده ولكن في الغذاء والدواء والسلاح .وقد دعت السودان مصر في عهد سابق إلى زراعة ما يكفيها من القمح على أرض السودان ، مما يوفر مليارات الدولارات ، ويساهم في استقلال القرار المصري، ولكن الصدمة كانت كبيرة حين كان الرد بأن ذلك يغضب أمريكا .وقد أدى الفساد وسوء الإدارة والضعف السياسي إلى ارتكاب جناية كبرى في حق الشعوب العربية تمثلت في نقص الغذاء بصورة مخيفة .ووفقا لما صدر عن المنظمة الدولية للأغذية والزراعة ( الفاو ) ، فإنه على الرغم من انخفاض عدد من يعانون من الجوع في العالم بشكل عام في السنوات الأخيرة بمعدل 100 مليون نسمة ، إلا أن العالم العربي لايزال يواجه عجزا في توفير الغذاء.وقد صنفت (الفاو) الشرق الأوسط في أكتوبر 2014 باعتباره المنطقة الوحيدة في العالم التي ازداد فيها عدد من يعانون من الجوع.وتقدر المساحة المزروعة في المنطقة بنحو 64 مليون هكتار، أي 39% من الأراضي الصالحة للزراعة فقط..وذكر التقرير أن بلدانا مثل مصر والعراق وسوريا، التي كانت على مدى تاريخها بمثابة "سلة غذاء"، أصبحت الآن دولا مستوردة .أما اليمن البلد العربي الأكثر معاناة في مجال الغذاء، فقد صنفته الأمم المتحدة كدولة "غير آمنة غذائيا"، مع معاناة نحو 7 ملايين يمني على الأقل من نقص في الغذاء. وفى تقديري لا ينفصل القرار الزراعي عن القرار السياسي في ظل السيادة الحقيقية ، فهل يسلك العرب والمسلمون طريقهم نحو التحرر من التبعية والهيمنة الغربية ؟