15 سبتمبر 2025
تسجيلفي حوار إذاعي انسحب منه الأستاذ (فلان) ولم يجبني على ما سيأتي.. قال: نحن – يقصد السلطة ومنظمة فتح – نريد المصالحة ولكن حماس ترفض ذلك؛ فلتأت حماس للانتخابات، وليعرف كل طرف حجمه وعمقه في الشعب الفلسطيني.. فكان جوهر ردي عليه:ولماذا تختزل كل المصالحة في ملف الانتخابات، وتتجاهل أن ملف المصالحة يشمل خمسة ملفات وليس ملف الانتخابات فقط؟ أليس منذ البداية كان الاتفاق على أن هذه الملفات رزمة متكاملة؛ فلماذا تنتقي الانتخابات من بينها وتترك ملف إصلاح المنظمة، وملف المرجعية القيادية، وملف المصالحة المجتمعية.. إلخ؟ وبأي منطق تعطي نفسك حق الانتقاء والتقديم والـتأخير لتقول هذا له علاقة وهذا ليس له؟ ثم إن كان ولا بد من منطق الانتقاء فلماذا الانتخابات؟ وهل وقع الانقسام الحاصل إلا بعد الانتخابات وفوز حماس في 2006 وعدم تقبل فتح عمليا وتفاصيليا لها؟ ثم إذا كان الأساس الذي تقوم عليه الانتخابات هو المغالبة والتنافس ونفي كل طرف للآخر؛ فهل هذا هو المطلوب في ظل انقسام تناقضي وتعارضي ودموي وفي ظل حاجة الشعب الفلسطيني لكل الخيارات؛ أم المطلوب التفاهم والوحدة على برنامج حد أدنى يجمع الطرفين ويحيي الخيارات ويحول دون الانقسام من جديد؟ صحيح أن المصالحة أمنية ورغبة وعاطفة وروح وطنية وشعار يرفعه ويتمسح به كل أحد، ولكن الأصح من ذلك هو أن المصالحة برنامج عمل ورؤية ومشروع، وأن لها خصوما وأعداء من داخل الشعب الفلسطيني؛ فإن لم تكن على أسس واضحة، فلا ضمانة ألا نعود على بدء من الانقسام؛ وفي هذه الحال فإن من حق الشعب الفلسطيني وحماس وغزة أن يتساءلوا عن اليوم التالي للمصالحة.. وما إن كانت السلطة وفتح ستسمحان للمقاومة أن تتواجد وأن تنطلق في الضفة، وبالتواجد والتسلح والانطلاق في غزة أصلا! فإن كانت المصالحة ستحسم هذه الأمور لصالح التنسيق المخابراتي والأمني مع العدو وسوف تنزل بغزة لحال الضفة حيث يسرح العملاء ويمرحون ويتسيدون على الناس.. لنعد لما انتقيته من ملفات المصالحة واتكأت عليه – الانتخابات – ودعني أسألك: هل ظروف الحركتين متساوية أمنا وخوفا ودعاية واتصالا بالجماهير لنضمن تساوي الفرص للطرفين؟ ثم هل ضمانات النزاهة والشفافية لهذه الانتخابات مؤكدة؛ في ظل تجربة انتخابات فتح الداخلية، وفي ظل الرغبة الجامحة لدى قوى إقليمية ودولية لتسجيل هزيمة انتخابية على حماس تسحب منها انتخابات 2006؟ وقلت له: أتصور أن أي انتخابات لن تخرج نتائجها عن أحد أربعة احتمالات؛ وكلها لا جدوى حقيقية للمصالحة فيها.. والاحتمالات الأربعة: * أن تفوز فتح بالتشريعي والرئاسة فتعود بنا إلى ما قبل الانتخابات يوم كانت تحرم المقاومة وتعتبر أي سلاح سوى سلاح السلطة غير شرعي، المتوقع عند ذلك أن تمنع المقاومة وتصادر سلاحها وتجتاح حماس.. إلخ (مما لا تبرره انتخابات ولا تسويات ولا مصالحات). * أن تفوز فتح بالرئاسة وحماس بالتشريعي فنكون كعشية انتخابات 2006 وما تبعها من تعديات وما نحن فيه من انقسام.* أو تفوز حماس بالرئاسة وتفوز فتح بالتشريعي فيكون الحال كما كان بين عرفات وتشريعي فتح والذي انتهى بحصاره والانقلاب العباسي الدحلاني عليه.. * أو أن تفوز حماس بالتشريعي والرئاسة وهنا يجب أن نتذكر المؤتمر الصحفي الذي عقده محمود عباس في ستراسبوغ - حيث مقر الاتحاد الأوروبي - في شهر 4 / 2010 وطرح الصحفيون عليه سؤالا: (أنت تدعو حماس للانتخابات الرئاسية والتشريعية فكيف إذا فازت فيهما وأرادت قيادة الشعب الفلسطيني لثورة مسلحة شاملة الضفة وغزة؟)، فكان جوابه: لن نسمح لحماس أن تقود الشعب الفلسطيني لثورة مسلحة حتى لو عاد الانقسام.. وعليه فيا سيد (فلان) لا سبيل للمصالحة إلا بتجاوز فكرة الانتخابات، ليس لأنكم تتكرمون بذلك على حماس أو غيرها، ولا لأن حماس عاجزة أمام مدكم الجماهيري والشعبي والفكري والثوري (الذي نعرفه وتعرفونه) ولكن لأن الانتخابات غير عملية في إجراء المصالحة، وغير موضوعية تحت الاحتلال، بالتالي فإن الذي عليكم وعلى حماس - كما تطالبكم هي – أن تذهبوا فورا للمصالحة على كل الملفات.. ثم لتأت الانتخابات بعد ذلك لا شرطا ولا قبلا ولا مقدمة للمصالحة؛ فتكون متممة للرضا وتضع كلا في موضعه التكاملي لا التناقضي مع الآخر. آخر القول: صاحبي أغلق الهاتف ومضى..