03 أكتوبر 2025
تسجيلالسيولة هي الماء للزراعة هي الدم في شرايين الاقتصاد, والأهم هو جريانها , وهنا نأتي لموضوع أرق المحللين الاقتصاديين وهو ضعف التداول في البورصة , ففي الوقت الذي تحتاج السوق فيه لتوسيع وتعميق التعاملات من خلال طرح شركات جديدة توفر تنويع وتشكيل للمستثمرين وتكون كبيرة حتى توفر السيولة الكافية في السوق, إلا أن هذا يعني في نفس الوقت أن الطرح الجديد سوف يستقطب السيولة المتوفرة في السوق , وعليه تقع السوق بين فكي كماشة إن رضيت بالواقع تظل تأن بما تحمل وإن أخذت خطوات فاعلة قد ترتد عليها بشكل يسبب تفاقم العلة نفسها, ولذلك لا بد من إيجاد حلول تمكن السوق من التوسع والنمو دون الوقوع في مصيدة انحسار السيولة , كما قلنا السيولة تقاس بمدى جريانها, أي مدى عمق التداول وحجمه في السوق أو البورصة , وهنا نأتي للصندوق السيادي المحلي , فهناك صندوق سيادي عالمي يزود أسواق العالم بالسيولة فلم لا يكون هناك صندوق سيادي محلي يخرج السوق من ضيق السيولة لرحابتها , القصد هنا هو وضع إدارة لأصول الدولة في السوق المحلي بدل تجميدها. المطلوب هو أن يلعب الصندوق المحلي دورا فاعلا في الاقتصاد بدل القبول بتجميد أصول الدولة , فلو كان هنالك صندوق سيادي وطني لكان أقدر على إدارة السيولة في السوق المحلي من خلال الادارة الرشيدة لأموال الدولة بدل تعطيل دور أصول الدولة في السوق المحلي, فكما يعلم الجميع أن مساهمة الدولة في الشركات والمؤسسات هي المهيمنة , ولكن في غياب أي دور وأي رؤية تظل السوق المحلي والبورصة هي المتأزم الأول من غياب دور الدولة في تفعيل دورها كمستثمر, فهو لا يسمح بتداول أسهمه ولا يديرها, المطلوب هو وضع رؤية لصندوق سيادي محلي يدير أصول الدولة على أسس اقتصادية استثمارية ويوفر آلية من خلالها تستطيع الدولة معالجة الاختلالات في السوق المحلي, فعندما ترتفع الأسعار يدخل ليبيع ويخفف الضغط على الأسعار وعندما تتراجع الأسعار وتجف السيولة يتدخل ويشتري من السوق, وهذا ما يفعله المستثمرون ومدراء الاستثمار والحقائب , فعندما ترتفع الأسعار ويرون أنهم حققوا مردودا مرضيا يبيعوا وعندما تتراجع الأسعار يعاودون الشراء , هذه هي السيولة وهذا دور مطلوب من الدولة في إدارة أصولها وجعل مشاركاتها في الشركات والمؤسسات الوطنية دورا فاعلا يمكن من تطور السوق ونموه. تدخل الصندوق السيادي المحلي سيمنح المستثمر الثقة بالسوق, فالمستثمر المحلي أو العالمي يتطلب السيولة أولا , فليس هناك مستثمر يفكر في الدخول في سوق لا يعلم متى سيخرج منها في حال لم تتوفر السيولة, ولذلك فتوفير السيولة أمر مهم من أجل رفع تصنيف السوق المحلي إلى سوق ناشئ, وسيكون الصندوق قادرا على تحقيق الاستقرار للسوق المحلي فهو سيكون المعادل الأكبر في السوق, وسيكون قادرا على توفير وتحريك الأسهم الحكومية بدل تجميدها, وسيكون قادرا على تحقيق رؤية الدولة في تحديد مدى تدخلها في السوق ومدى خروجها وقد يكون قادرا على تغير دور الدولة بشكل ناعم أما تدخل الدولة أو عدم تدخلها بشكل سافر, ويصبح دور الدولة فاعلا وناعما في تعامله مع الاقتصاد, وتجاوز الجدل عن مدى دور الدولة ومدى ابتعادها عن الاقتصاد والسوق, بل يتحدد ذلك الدور من خلال الواقع الاقتصادي وبعيد عن الروتين المؤسسي وأثره , أي ترك السوق تحدد ماهية الدور الذي ستلعبه الدولة أو لا تلعبه حيث ستكون مجرد مستثمر والقرار سيكون استثماريا ولكن من خلال رؤية واضحة وتصور لتمكين الدولة من تحقيق أفضل المردود ورفد السوق بالسيولة التي تحتاجها وتحريك الأسهم وتفعيل دور الدولة ولكن على أساس مفاهيم الاستثمار وإدارة الاستثمار, وإخراج البورصة والسوق من معضلة السيولة, هذا يعمق مفهوم دولة الاستثمار, فمن الاستثمار في البنية التحتية إلى التعليم إلى مراكز الأبحاث إلى الصحة واليوم إيجاد دور فاعل لإدارة أصول الدولة, وتفعيل استثمارات الدولة المحلية سيسمح للدولة بتعمير القطاع المالي , حيث ستتمكن من إنشاء مؤسسات مالية لإدارة تلك الاستثمارات مما سيدعم بنى مؤسسات المال الوطنية والذي تحتاجه السوق المحلي والتي تعاني من فراغ في هياكل وبنى مؤسسات إدارة الثروات والملكية الخاصة وإدارة الحقائب والأصول وعدم توفر أوعية استثماريه ضرورية للاستثمار كأدوات التحوط وصناديقه, ففيما تعالج الدولة شح السيولة تعالج أيضاً غياب المؤسسات المالية الوطنية , وتسمح ببناء القطاع المالي المرتكز الحقيقي في المرحلة القادمة, حيث يتم إعادة تكوين هياكل الاقتصاد على أساس دولة الاستثمار والذي أحد أهم أعمدتها هو القطاع المالي.