19 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق والمستقبل

24 أبريل 2012

العراق الذي أصبح اليوم منسياً من العرب عما يجري فيه، وقد وصلت الصراعات فيه إلى حد يهدد مستقبل هذا البلد، ولا شك أن هذا البلد الذي له تاريخ ويرى الغرب ومن وراءه إسرائيل أن تدميره مصلحة عليا استراتيجية، ولأن الهم والشعور القومي قد اضمحل عندنا فلم نعد نشعر لما يجري حولنا. المتأمل للتغير الديمقراطي اليوم والتهجير الطائفي البشع في البصرة وبغداد قد ازدادت رقعته يتم بناء مدن تباع بأسعار زهيدة وقروض ميسرة لأجل إحلال طوائف معينة وتهجير أخرى، ويتم استغلال الجماعات الإرهابية التي تبين فيما بعد أنها مجرد مرتزقة تقوم بدور معين يساعد لتحقيق الأهداف، وبترول العراق ينهب ويوزع، وهذا لم يقله أحد غريب بل على ألسنة الأطراف الحاكمة بالعراق التي جاءت لتحقيق الديمقراطية من خلال بيع النفط لدول جوار ولإسرائيل، وتفاضح حكام الأكراد وقادة الحكم في بغداد ونشروا الغسيل في أجهزة الإعلام، والشيء الذي لم يعلنوه على الملأ أن أموال العراق اليوم تذهب لعمليات العنف والدمار في اليمن وسوريا والصومال ولنشر الطائفية والحقد المذهبي وإثارة النعرات وتمويل الإعلام المتخلف الذي يعيش في صراعات ما قبل ثمانمائة سنة، هؤلاء الناس لا يدري أحد أين يعيشون وهم ينفذون أجندة لدولة تحكم بامبراطورية وتعيش على صراع مع الموتى حتى وصلت بهم الحال لنبش قبور صحابة ماتوا من مئات السنين، في الوقت الذي يعاني فيه شعب العراق من المهجرين والأيتام والأرامل والفقر والمياه الملوثة وسوء الخدمات الصحية والطرقات وحتى السمك في دجلة والفرات أنهار تغنى بها الشعراء أصبحت هذه الأنهار تحمل في بطنها موتى يتم دفنهم بالماء لإخفائهم فيأكلهم السمك الذي يمنع الناس من اصطياده. أطفال يباعون بأسعار رخيصة، لاجئون يتسكعون بشوارع أوروبا على المقاهي وغيرها وكأن الناس لا يعرفون ما يجري حولهم. الكل يرى ما يحصل وآخرها السلوك الاستفزازي والظلم على السيد طارق الهاشمي وتلفيق التهم والقصص وتعذيب وقتل حراسته وهو الذي بذل جهده للوفاق والتعايش وأغضب الناس بقبوله بهذا وسكوته وهو يأمل ويحسن الظن، إلا أن هؤلاء لا صديق لهم، والعراق لم تقف مشاكله في الداخل كما ظن العرب بل صدر أفكاره مع المال والسلاح والتدريب إلى اليمن والصومال والبحرين وغيرها، وهناك قنوات عنصرية طائفية تنشر ثقافة الكراهية فأين العرب؟ ما هو المستقبل الحقيقي الذي يحاول العرب تجاهله أن العراق سوف يقسم ضمن صفقة وستضم أراضي منه في استفتاء لدول مجاورة بعد التغيير الديمغرافي، هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها وبدعم غربي. هناك خريطة رسمت منذ دخول المحافظين الجدد بغداد، ومنذ قرر الحاكم العسكري ذلك وحوربت الهوية العراقية لطمس عروبتها وحوربت الفئات المتمسكة بذلك وصفيت وسجن الناس بالآلاف وترحم العراقيون على صدام وقالوا رب يوم بكيت منه فلما صرت إلى غيره بكيت عليه. وأصبحت هناك أحزاب لها مناطق نفوذ وميليشيات، وكل هذه لن تقف عند حد معين كما يظن البعض بل عينها على المنطقة ولا يدري المواطن العربي عن سر هذا التعتيم الإعلامي والتجاهل رغم الشكوى. الأحزاب الكردية تريد الانفصال وتركيا لا توافق وهذه الأحزاب ترفض الانتماء العربي والإسلامي وتخطط لدولة تتبع الغرب وتحارب الفئات ذات الهوية وتقمعها وتصرح بذلك وتمد يدها لإسرائيل والموساد وينشط بأراضيها وهم بلاد صلاح الدين وأبطال الأكراد في نشر الإسلام والدفاع عن مقدساته وتاريخهم المشرق. العراق اليوم تنازعه فئات تتصارع على الغنيمة والنفط والتسلط وأصبح يدار اليوم من قائد أجنبي لدولة مجاورة وأصبح لا يعين موظف في الدولة إلا بأمر من هذه الدولة المحتلة التي ستفاجئنا يوماً بضم أراض لها من العراق بعد طبخة ومخطط التقسيم الذي يُعد له الآن وأمراء الطوائف ينتظرون حصتهم من القسمة، وغضبت دول في التحالف لم تنل نصيبها وسيرت أمريكا الأمور وأكلت الكعكة وحدها وضربت الآخرين بعرض الحائط وأخذت شركاتها العقود. تذكر العراقيون ما مضى لم يحصل مثل هذا، كانت سابقاً جنة إلى جحيم اليوم، والحقيقة أن التغيير يجب أن يكون مبنيا على أسس ومعرفة البديل والحفاظ على حقوق جميع الشركاء والمواطنين وهو ما لم يفعله أحد، جاء جيش يحمل حقد سنوات وتاريخا قد ثقفوه بذلك عدوه وإخوانه أبناء شيعة فقط، ونسمع اليوم عن مساعٍ للصلح ودعوات ولكنها فردية وليست قائمة على أسس وواقعية للأسف، نريد أن نرى برنامج وفاق يشمل جميع الدول المجاورة والعلماء المؤثرين والشخصيات الإسلامية والمنظمات الإسلامية، نحتاج إلى مبادرة متكاملة يتم التشاور فيها مع جميع الأطراف ويتم ضمان النتائج ومشاركة أهل القرار والتأثير. آن الأوان لوضع موضوع العراق على الطاولة والمصارحة فين والكل خاسر والحقد يورث الحروب والدمار، يخطئ السيد المالكي ومن معه من الطوائف أن يظن أن حماية الغرب والدولة الامبراطورية ذات الأطماع سوف تحقق له القوة لا يدري أن هؤلاء الذين يعانون وظلموا لن يسكتوا ولن يسلموا وسيكون الثمن باهظاً على الجميع وأولهم حزبه وفئته ويسجل التاريخ أنه دمر ومزق البلاد وأن صدام وحكمه كان أرحم بكثير. ورسالة الشيخ حمد بن جاسم في تعليقه على المؤتمر إشارة، كان يجب أن يفهمها إن كان لبيباً. وننتظر من ماليزيا وتركيا والجزائر أن تقدم مبادرة شجاعة بعد التشاور مع الآخرين بشأن العراق تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي لعلها تكون سفينة إنقاذ وخريطة طريق.