12 سبتمبر 2025

تسجيل

سورية.. أنفاس لاهثة

24 أبريل 2011

صور القتلى المروعة والبشعة الذين سقطوا بنيران قوات الأمن السورية التي بثها موقع "يوتيوب" على شبكة الإنترنت، جعلت القلوب تتفطر ألما، والأعين تذرف دماً، والوجدان الشعبي ينشطر حزنا، من هول مظاهر القمع المنظم الذي تعرضت له جحافل المتظاهرين السوريين الذين جابوا المدن السورية بهتافاتهم المدوية التي ارتقت إلى عنان السماء متنادية بالإصلاح، ومقتضيات الصحوة السلمية. الجمعة العظيمة، أو جمعة الآلام، سطرت بأحرف من دم توق الشعب السوري للحرية والإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والاستبداد. تباطؤ النظام في الاستجابة للمطالب الشعبية أدت بصورة أكثر وضوحاً إلى رفع سقف مطالب الشباب من الدعوة إلى إصلاح النظام، إلى الإلحاح الحاسم بالهتاف الأسطوري: "الشعب يريد إسقاط النظام". ظن الرئيس السوري الأسد وسدنة نظامه العتيق خطأ، أن المراسيم الدستورية التي أصدرها مؤخراً سوف تكبح جماح الثورة الشعبية وتؤدي تبعاً لذلك إلى استقرار النظام المتشبث بسدة الحكم. لقد اشتملت تلك المراسيم الدستورية إلى إلغاء قانون الطوارئ التليد، وإقالة الحكومة، وتشكيل لجان تعنى بإصلاح منظومات النظام وانساق العمل السياسي العام. ففي الوقت الذي ظن النظام أن هذه المراسيم الدستورية وما تبعها من خطوات تعد كافية لاستتباب الأمن، واختفاء شبح المظاهرات من الشوارع، فإن الشباب السوري رأى في تلك المراسم مجرد مسكنات أولية، وجراحا تقبيحية للمطالب، وأنها في مطلق الأحوال لم تستجب للنداءات والمطالب الحقيقية التي تحقق في نهاية المطاف: إعلاء الحرية، وإطلاق بيارق الديمقراطية، ورفع المعاناة عن الأهل الصامدين والصابرين. الإعلام الرسمي السوري اقتفى آثار النظام بالترويج لنظرية المؤامرة التي عزا فيها النظام إطلاقه للرصاص ليس للشعب السوري، وإنما أرادوا بذر بذور الفتنة والشقاق بين الشعب السوري وقادته "الأوفياء" الذي يدعو للحيرة والتساؤل المشروع هو: لماذا لم تقدم أية دولة، أو جهة، أو حتى الجامعة العربية لتقديم مبادرة للتوفيق بين الثوار ونظام الرئيس الأسد؟ لقد حدثت حتى الآن سلسلة من المبادرات للوساطة بين الرئيس الليبي والثوار، وبين الرئيس اليمني والثوار اليمنيين الأشاوس.. وظل الوطن العربي بقادته وجامعته العربية يقف في حافة المنحى ويتفرج بتفجع على ما يجري في الساحة السورية.. وما لم يستجب النظام السوري للمطالب الشعبية المشروعة، وما لم تطف على السطح السياسي مبادرة جادة، من أي نوع كان أو يكون.. فإن مظاهرات "الجمعات" سوف تستمر في القُطر السوري.. ويخشى الجميع من أن تتحول سورية، السمحة إلى حمام دم تفوق بشاعته عن ذلك الذي حدث يوم الجمعة العظيمة.. وعندها يخشى من تدخل حلفاء الأسد للانضمام إلى إبادة الشعب الثائر، والقضاء على الثورة.. ويتحول المشهد برمته إلى أنفاس لاهثة!