20 سبتمبر 2025

تسجيل

الموسيقار عبدالعزيز ناصر.. وللعبقرية عنوان (3)

24 مارس 2018

هناك قيمة تاريخية مميزة لكتاب سيرة عبدالعزيز ناصر لأنها تؤرخ لحقبة فنية فاعلة ومهمة الكتاب فيه العديد من المعلومات والوثائق والصور النادرة في مشوار صاحب السيرة الفذة يأتي تدشين كتاب السيرة الذاتية لعبد العزيز ناصر في الفترة ما بين (1966 — 2013) ليوثق لمرحلة فنية مهمة من مراحل مشوار الموسيقار الراحل لأنها انطلقت منذ أن كان عمره 14 سنة تقريبا مع تأسيس فرقة الأضواء الموسيقية والمسرحية، فالكتاب بلا شك يعد ثروة لا تعوض في مجال توثيق الحركة الفنية والموسيقية في قطر خاصة مع ظهور الفرق الفنية الحديثة والمتطورة في بداية الستينيات من القرن الماضي. ولاشك أيضا أن للكتاب أهمية تاريخية من حيث الوثائق والمعلومات والصور التي وردت في هذا المؤلف، لكون المؤلف كان حريصا على تدوين تلك المرحلة بكافة أحداثها التي مرت بها الحركة الموسيقية في تلك الفترة وكانت تعتبر مرحلة كفاح من أجل تأسيس كيان حقيقي للموسيقيين والمسرحيين معا في قطر. البدايات الأولى لفرقة الأضواء 1966: والكتاب بمجمله يأتى في وقت نحتاج فيه إلى مثل هذه الدراسات الجادة والأصيلة في الكتابة عن الموسيقى وبداياتها الأولى في قطر على يد مجموعة من الشباب القطري المتحمس والمتعطش لهذا الفن الراقي، خاصة أن أغلب الذين أسسوا "فرقة الأضواء" سنة 1966م وبخاصة في حي "الجسرة" كانوا يمتلكون بعض الطموحات والأفكار الجميلة للارتقاء بهذا الفن الذي ارتبط بالمسرح أيضا بسبب التشابه الكبير بين المجالين في تلك الحقبة... وقد استطاع الموسيقار عبدالعزيز ناصر — رحمه الله — أن يكون قائدا لفرقة الأضواء التي أدارها وهو في عمر الزهور، وحينها كان لم يتجاوز سن الـ (14) سنة من عمره، ولعل موهبته الموسيقية هي التي قادته للفرقة وإنشائها لخدمة العديد من الشباب القطري الذي كان يتمنى وجود أحد الكيانات الموسيقية والمسرحية له رغم بعض التحديات التي كانت سائدة داخل المجتمع القطري ومنها تميز مجتمعنا بالمحافظة على عاداته وتقاليده وعدم الترحيب بالحركة الموسيقية في ذلك الوقت لظروف لا تخفى على الجميع.. بجانب عامل انتشار الأغنية السعودية والكويتية بشكل كبير وعدم انتشار الأغنية القطرية، حيث جعل منها الموسيقار عبدالعزيز ناصر الانطلاقة الأولى للمنافسة على مستوى الخليج وبكل قوة، وهذا ما تبلور بشكل أفضل منذ عقد سبعينيات القرن الماضي. محتوى كتاب عبدالعزيز ناصر: جاء الغلاف الرئيسي للكتاب بتوقيع عبدالعزيز ناصر تحت عنوان: "إلى الحالمين معي بعالم أفضل أهدي هذه السيرة 1966 — 2013 "،، ويقع في 350 صفحة، بالألوان، واستشهد في الغلاف الأخير للكتاب بقول الشاعر العربي الكبير نزار قباني في قصيدته الشهيرة "إفادة في محكمة الشعر " وهي على وزن بحر الرمل: أصدقائي.. حكيت ما ليس يحكى وشفيعي.. طفولتي والنقاء إنني قادم إليكم.. وقلبي فوق كفني حمامة بيضاء افهموني.. فما أنا غير طفل فوق عينيه يستحمّ المساء أنا لا أعرف ازدواجية الفك  فنفسي.. بحيرة زرقاء إن أكن قد كويت لحم بلادي فمن الكيّ قد يجيء الشفاء من جراح المناضلين.. ولدْنا ومن الجرح تولد الكبرياء واشتمل الكتاب: على ما يقارب من 29 موضوعا وعنوانا، وهي تتضمن ما وضعه المؤلف في كافة فصوله وأبوابه ما دونه عبدالعزيز ناصر بمشاعره وأحاسيسه التي عبرت عن مكنونه وشهاداته على الحقبة التي عاشها وسجل رأيه فيها خلال مشوار حياته التي امتدت ‘لى 64 سنة. وعناوين الكتاب هي: الإهداء، حديث النفس، الحياة من جديد، البيت العود، المدرسة، الانتماء، أبراج الحظ، فريج الجسرة، فرقة الأضواء، اللحن الأول، الفنان والحرية، التراث أول الطريق، القاهرة، أزهري في معهد الموسيقى، الحب الأول، الرحيل، الصدمة، الأمل الضائع، الفنان بين الناقد والحاقد، العودة، العم أحمد، البيت الجديد، إنسانية الفن، الكابوس، المبدأ، الفنان والحاكم المطلق، مغادر المكان في ظل قمعستان، أكاديمية الموسيقى بين الحلم والواقع، خواطر إيمانية. الصور النادرة وأهميتها التاريخية: لعل من الأمور اللافتة للنظر في سيرة عبدالعزيز ناصر أنها توثيق للصور التاريخية والقديمة، فهي نادرة بكل تأكيد، وتعكس فترة معيشة الموسيقار الراحل خاصة تلك الصور التي تتعلق بحي الجسرة، وكذلك البيت العود الذي عاش فيه، بجانب صور الزمن الجميل لتأسيس فرقة الأضواء سنة 1966 م وما بعد تلك الفترة، وهي صور ناطقة بمعنى الكلمة.. وضم ملف الصور أيضا رحلة عبدالعزيز ناصر بعد فرقة الأضواء، سواء أثناء عمله في إذاعة قطر أو أثناء دراسته في القاهرة التي كانت تمثل له مرحلة خصبة للغاية من خلال احتكاكه بالعديد من الموسيقيين المصريين المبدعين في ذلك الوقت من سبعينيات القرن الماضي، بجانب صوره التي التقطها مع الزملاء من الطلبة القطريين الذين عاصرهم في القاهرة، وكذلك مع بعض الطلبة الخليجيين والعرب... كما لم يغفل صاحب السيرة نشر صور بعض الشخصيات العربية وغير العربية الخالدة في الدين والشعر والموسيقى والغناء والسياسة والتعليم والحياة الاجتماعية ورحلاته البرية والبحرية وأعلام الصحافة والاعلام والرسم وعلماء الفكر وكتاب الرواية وأعلام المسرح والتمثيل وصور الحياة الطلابية في القاهرة.. وغيرها. توثيق النوتات الموسيقية: كما كان عبدالعزيز ناصر يهتم كثيرا بتدوين نوتاته الموسيقية وكتابتها بدقة متناهية على الطريقة التي عرفت عنه، كما كان يحتفظ بها في أماكن خاصة في منزله الخاص في الدوحة وكذلك في مبنى الإذاعة، كما كان يخزنها منذ كان طالبا على مقاعد الدراسة في القاهرة وهذه الميزة جعلت منه شخصية تحتفظ بالأشياء للمستقبل لكونها وثائق موسيقية مهمة تظل شاهدة على عصر صاحبها. القيمة التاريخية للكتاب: ولا شك أن كتاب: "السيرة الذاتية لعبدالعزيز ناصر 1966 — 2013 " لمؤلف السيرة عبدالعزيز ناصر تعتبر وثيقة ستبقى لها قيمتها الفنية والأدبية، حيث تعالج فترة الحياة المعيشية في قطر منذ فترة ستينيات القرن الماضى وحتى بدايات الألفية الثالثة.. كما أن مثل هذه السيرة ستكون زادا طريا لقادة الموسيقى في المستقبل لأنها تقدم تجربة حياة ووجبة دسمة للغاية في التعريف بجهود الرواد من الموسيقيين القطريين الأوائل الذين دخلوا هذا المجال من أوسع أبوابه وحققوا من خلاله العديد من الانجازات والابداعات الفنية التي لن تتكرر ولن تنسى أبدا. كلمة أخيرة: كتب الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر في نهاية كتابه: "لم أذكر في هذه السيرة المتواضعة كل ما حدث، ولم أقل من خلالها كل ما أعرفه، لكني والحمد لله كنت صادقا فيما قلت".. وهذه العبارة الرائعة تعبر عن مصداقية الموسيقار الراحل وزهده في هذه الدنيا ومسايرة الزمن دون تكلف أو تضخيم في تدوين وتوثيق الأحداث التي عاشها حتى آخر رمق من مشوار عمره، قكان صادقا مع نفسه ومع من يعيش حوله.