20 سبتمبر 2025
تسجيلإن لم تكن تؤمن بالعمل الذي تقوم به، وأن النجاح سيكون حليفك فلن تنجح. هكذا هي القاعدة الحياتية.. فكلما قوي إيمانك بالشيء، صار إنجازه أو تجسيده على أرض الواقع مسألة زمن ليست أكثر، وشواهد التاريخ أكثر من أن نحصيها.وصل الأمر في فترة المغول أو التتار أن تنهزم الدول أمامهم سريعاً، بل الصورة الذهنية التي ارتسمت عند الشعوب عنهم، كانت مرعبة جعلت الجميع ينهزم قبل ملاقاتهم، إلا عند المماليك في عهد بيبرس وقطز ومعهما الشيخ الأسد، العز بن عبدالسلام، فالصورة اختلفت.لم يكن أمام المماليك من بعد أن أحدث المغول مذابح في بغداد وإسقاط الخلافة العباسية، سوى الاستسلام والموت ذبحاً أو التصدي لهذا السيل الجارف مهما تكن النتائج، فكان القرار هو الخيار الثاني.. حيث بدأ الجميع يستحضر مشاهد سابقة من تاريخ الإسلام، حيث الإيمان ودوره في صناعة المعجزات، وحيث الفئة القليلة المؤمنة التي تغلب الفئة الكثيرة.. وكان للشيخ العز بن عبد السلام دوره في استنهاض الهمم وتقوية الإيمان والثقة بنصر الله، مهما يكن المغول ومهما تكن قوتهم ووحشيتهم.من أبرز مواقف تنامي قوة الإيمان عند قطز ومن معه، أن استمع لرسالة هولاكو وقد حملها أربعة رسل، وفيها تهديد ووعيد وعنجهية بالغة، وأمرٌ بتسليم مصر للتتار، وإلا فمصيرهم كمصير إخوانهم المسلمين في بغداد! فما كان من الملك المظفر قطز إلا أن قرر قطع أعناق رسل هولاكو وتعليق رؤوسهم على أحد أبواب القاهرة، كرسالة منه لهولاكو أن الحرب ولا شيء غيرها هو جوابه ورده.ما كان ليفعل قطز ذلك وهو يدرك معنى التصدي والوقوف أمام هولاكو، إلا لإيمان بالغ تمكن من قلبه، رغم أن كثيرين من قادة الحرب عنده رأوا التريث وعدم مواجهة التتار، لكن الإيمان كما أسلفنا، قد فعل فعلته بنفس قطز، فقال: "من للإسلام إن لم نكن نحن؟" ثم قال لهم: "يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال وأنتم للغزاة كارهون.. وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المسلمين".بتلك الروح والإيمان اندحر التتار أمام جيش قطز، وكانت عين جالوت من المعارك الفاصلة في التاريخ ونهاية التتار، وأعاد سيرة بدر والقادسية واليرموك، والمواقف الحاسمة في التاريخ، وليؤكد أن الإيمان يصنع المعجزات.