10 سبتمبر 2025

تسجيل

المقاهي الثقافية

24 مارس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ربما يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أن المقصود بهذا العنوان، تلك المقاهي التي سادت على قارعة الطريق، يحتسي فيها الناس ما يشاؤون، ويتسامرون عليها أطراف الحديث، كما يتلاهون. غير أن ما قصدته دون دلالة هى تلك المقاهي التي عرفتها الدولة العثمانية، وكانت شائعة بهذا الاسم بالفعل، ومنها انتقلت إلى أوروبا. وهنا قد يبدو مفاجأة للبعض أن هذه المقاهي انتشرت في الدولة العثمانية قبل أوروبا بنحو قرن كامل، إلى أن ذاعت شهرتها في فرنسا وإيطاليا، وعرفت وقتها باسم الصالونات الثقافي!!. ودون الدخول في جدل إذا ما كانت إيطاليا هى أسبق من فرنسا في معرفة هذه المقاهي، فإن ما ذاع فيهما وغيرهما من دول أوروبا من مقاه ثقافية، جاء اشتقاقاً من المقاهي التي كانت سائدة في الدولة العثمانية. ومن ثالثة الأثاقي، أن الدول العربية وكعادتها استوردت المصطلح فصارت المقاهي الثقافية صالونات ثقافية، بدلاً من مسماها الذي كان في العديد من الأقطار العربية، التي كانت تستظل بالدولة العثمانية، والتي كانت تعني تلك القاعات التي يجتمع فيها المهتمون بأمور الثقافة فيتحاكون، ويناقشون عظيم القول من الفنون المختلفة. وتجنبا لجدال قد يطرأ حول استيراد المصطلحات من الخارج الأجنبي، والدخول في إشكالية الاشتقاق اللفظي، وما إذا كان "التلفزيون" هو التلفاز، أم تلفزة، أو حتى التعريب بأنه "الشاشة المرئية"، فإن العرب استوردوا المصطلح ليسود مجالسهم بأنها صالونات ثقافية.. هذه الصالونات صارت تفقد أهميتها، والتي من أجلها ظهرت، لتصبح صالونات يتجمع فيها البعض للدخول في مناقشات سطحية، تجنباً للدخول في نقاشات معمقة، فضلاً عن مستوى الحضور، الذين ما دفعهم سوى تبادل أطراف الحديث، والتسامر، ومن ثم التشويش على المتحدثين، علاوة على عدم حسن اختيار الموضوع ذاته. وقد تجد صالونا ثقافيا ـ هكذا يطلق على نفسه ـ ثم تجده يناقش قضايا أخرى، لا تمس القضايا الثقافية بصلة، اللهم إلا إذا كان الغالب عليه تأصيل المجاملات للحضور والمشاركين.. وبالمقابل، نجد الصالون الثقافي بوزارة الثقافة قد أحسن صنعاً عندما أراد أن ينأى بنفسه عن كل ذلك، باختيار قضية ثقافية جادة، يدعو إليها المختصين، سواء في داخل الدولة أو خارجها، بغية إثراء النقاش، والوصول إلى حوار راق، يعرف قيمة الثقافة، ولا يهمشها، يسعى إلى ناصية القول، وليس إلى تغذية رفاهية الوقت. غير أنه ـ مع ذلك ـ هناك طموح بأن يصبح هذا الصالون زاداً حقاً للمثقفين، وكل المهتمين بفكر الضاد، وغيرها من اللغات والثقافات، مستفيداً في ذلك من السلبيات، حريصاً على تعميق الإيجابيات.