02 أكتوبر 2025
تسجيللا يختلف اثنان من المحللين السياسيين أو المفكرين وحتى المواطنين العاديين في الوطن العربي على أن القمة العربية التي ستبدأ أعمالها بعد غد الثلاثاء في دورتها الرابعة والعشرين بدولة قطر ستكون من أهم القمم العربية قاطبة لعدة أسباب، لعل من أهمها أن الوطن العربي شهد ويشهد ثورات شعبية ضد أنظمة دكتاتورية فاسدة بعضها نجح وبعضها الآخر يتعثر نجاحه حتى الآن. ولأن هذه الثورات التي نجحت لم تنتصر بعد ولأن بعض هذه الثورات لم تنجح بعد فإن قمة الدوحة مطالبة بتحقيق الانتصار للثورات التي نجحت.. ومطالبة أيضاً بتحقيق النجاح للثورات التي لم تنجح بعد. الانتصار للثورات التي نجحت حتى الآن ولم تنتصر في تونس وليبيا ومصر واليمن فإن المطلوب من القمة تأمين هذه الثورات من خطر الخطف من جهات غربية عدوة للأمة العربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ومن خطر العدو الصهيوني بالذات الحليف الأول لأمريكا والغرب. ولعل العامل الاقتصادي من أخطر الأسلحة التي سيحاول من خلاله الغرب وأعداء الأمة العربية وأعداء هذه الثورات الناجحة خطف هذه الثورات من خلال صندوق النقد الدولي أو صندوق "النكد" الدولي كما يصفه أغلب العرب، لهذا فإن القمة العربية مطالبة بدعم هذه الثورات اقتصاديا ودعمها ماليا حتى لا يفترسها الأعداء ويخطف أهدافها ويبعدها عن تلك الأهداف النبيلة التي ثارت من أجلها لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ورفض التبعية والوصاية ولعل ما قامت به القيادة القطرية ممثلة بحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى بتقديم الدعم المالي لهذه الثورات هو الإحساس الوطني والقومي من سموه بالمحافظة على نجاح هذه الثورات والعمل على انتصارها. أما العامل الثاني لانتصار هذه الثورات فهو فسح المجال للمشاركة الشعبية في هذه الثورات وألا يحتكر حزب أو جهة أو فئة معينة كل السلطات، وهذا يتطلب من القمة إقناع من يحكمون مصر أو تونس أو ليبيا أو اليمن بألا يحتكروا السلطة وأن يمارسوا الديمقراطية بشكلها الصحيح لكي لا نعود إلى الأحكام الديكتاتورية مرة أخرى، وبالتالي ستسقط هذه الثورات بعد نجاحها. أما الثورات التي لم تنجح حتى الآن وخاصة في سوريا، فالمطلوب من القمة العربية أن تبحث عن جوهر هذه الأزمة وألا تحصرها بين النظام السوري والمعارضة لأن النظام السوري انتهى برأي وأصبح بشار الأسد لا يهش ولا ينش ولا حول له ولا قوة، فاللاعب الأساسي بالأزمة السورية هو أطراف خارجية وبالتحديد بين روسيا وإيران والصين من جهة، وأمريكا والغرب من جهة أخرى، وهذه الأطراف هي التي تتصارع الآن على سورية للحفاظ على مصالحها، وهذه المصالح تصطدم مع مصالح الشعب السوري ومعه المعارضة وتصطدم أيضاً مع مصالح الشعب العربي لأن لكل طرف من هذه الأطراف مشروعاً خاصاً به، فروسيا لها مشروعها وإيران لها مشروعها وكذلك فإن الغرب والإدارة الأمريكية لهم مشروعهم ومعهم تركيا أيضاً وكل هذه المشاريع لا تتفق مع المشروع العربي، لهذا فإن نجاح القمة في البحث عن مشروع عربي موحد سينقذ الثورة السورية، وبالتالي سيسقط نظام بشار الأسد فور خلق وإيجاد هذا المشروع وستسقط معه كل المشاريع الأجنبية الأخرى. وهذا المشروع العربي المطلوب هو إيجاد استراتيجية عربية موحدة تقول لنا من نحن، وماذا نريد، ومن هو عدونا الحقيقي، ومن هو صديقنا الحقيقي، وكيف نحافظ على أمننا القومي العربي، وكيف نحمي وحدتنا الوطنية من خطر الطائفية، والعرقية، والقومية، والمذهبية، وكيف نخلق كياناً اقتصادياً عربياً قوياً، وما هي عوامل الاتحاد وكيف نتحد. غياب هذه الاستراتيجية العربية الموحدة هو سبب ويلات ومصائب وتخلف الأمة العربية، ولعل قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لهذه القمة يدعونا للتفاؤل لأن مواقف سموه تترجم لنا بالأفعال مدى حرصه على أهداف ومبادئ الأمة العربية بأن تكون هذه الأمة قوية مصونة الجانب ولها مشروعها العربي، لهذا يمكن القول إن "قمة الدوحة.. قمة القمم".