02 نوفمبر 2025

تسجيل

الأحمال الثقيلة

24 فبراير 2014

لا تحمل أكثر من طاقتك.. نصيحة تسمعها من كل محب.. ويمكننا اعتبارها قاعدة حياتية قابلة للتطبيق ليس على الأحمال المادية المعروفة فحسب، بل على النفسية أيضاً، وهي التي تقصم وتهد الظهور هداً.. وبالقدر الذي نحذر في مسألة رفع الأحمال المادية تفادياً لمشكلات صحية مثل الالتواءات أو تشنجات أو انزلاقات أو تمزقات من تلك التي يعرفها جميعنا ، فإننا أيضاً نحذر من الأحمال النفسية وهي شديدة أيضاً.. وهي لب موضوع اليوم. إن قمت وحملت هم المستقبل والقلق على ما سيأتي ولو كان بسيطاً، فإنك كمن يحمل مئات الكيلوغرامات من الأغراض والأمتعة الشخصية في البيت أو غيره على ظهره.. فما بالك لو بدأت تحمل هموماً متنوعة، بل ما بالك لو بدأت تحمل همومك وهموم غيرك ممن حولك من الأهل والأصدقاء والأحباب؟ إنك فعلاً تكون قد بدأت في الدخول لمناطق خطرة عليك، وستكون نتائجها بعد قليل من الدهر ذات أثر سلبي وضار عليك دون ريب. لا يعني هذا أن نتجنب أنفسنا والآخرين من حولنا ولا نهتم بهم ولأحوالهم وهمومهم.. لا، ليس هذا الذي أدعو إليه، ولكن كما اعتدت سابقاً في دعواتي، أن نكون متـزنين ووسطيين منطقيين في أمورنا الحياتية المتنوعة، لا إفراط أو تفريط، وإن الفشل في الإتزان هنا، سيؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على السيطرة، وبالتالي القيام بأفعال وسلوكيات غالباً تكون غير مرغوب فيها للنفس، قبل ما حولها من أحياء وجمادات. المشكلة ليست في حمل الأثقال المادية أو حتى النفسية، ولكن الإشكالية تكمن في الطريقة التي تحمل بها تلك الأثقال. وكما ينصح الأطباء حين ترفع ثقلاً أن تكون وضعية جسمك بشكل معين، كي لا تحدث لك انزلاقات في العمود الفقري أو مشكلات في العضلات، فكذلك حين تحمل هماًّ أو ثقلاً نفسياً أن تعرف كيف تحمله، ولماذا تحمله، وما أنت فاعل به.. هذا أولاً. وبما أنك حملت ثقلاً ماديّاً لأجل نقله من موضع إلى آخر، فكذلك الأمر نفسه مع الأثقال النفسية، التي لا يجب أن تبقى على ظهرك إلى ما شاء الله، بل الأصل إن حملتها فلأجل نقلها من مكان إلى آخر وبأسرع ما يكون.. إذ كلما طال بقاءها على ظهرك، كلما قلّت طاقتك وضعـفت، وتكون عُرضة للانتكاسات والانهيارات لا قدر الله.. فانتبه لنفسك من الآن وقبل فوات الأوان.