01 أكتوبر 2025
تسجيلفي مثل هذه الأيام منذ خمسة وخمسين عاماً أعلن قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر ميلاد الجمهورية العربية المتحدة في أول تجربة وحدوية في عصرنا الحديث ضمت القُطرين العربيين المصري والسوري. هذه الوحدة جاءت تلبية لآمال وأهداف وتطلعات الشعبين العربيين ووضعت أول لبنة في مشروع وحدة عربية شاملة من المحيط إلى الخليج كما كان يحلم القائد الراحل عبدالناصر. لكن هذه التجربة الوحدوية لم تعمر طويلاً عندما اغتالتها يد الانفصال عام 1961 بعد ولادتها عام 1958 هذه اليد الآثمة هي التي استغلت بعض الأخطاء التي رافقت هذه التجربة الوحدوية بدافع وتآمر وتخطيط من أعداء الأمة العربية والعدو الصهيوني لأن هؤلاء الأعداء أرعبهم قيام هذه الوحدة وبدأوا بالتآمر عليها منذ ولادتها. فأعداء الأمة العربية حددوا ممنوعين اثنين في الوطن العربي: الممنوع الأول هو قيام الوحدة العربية، والممنوع الثاني هو المساس بأمن العدو الصهيوني، وعليه فإن جميع مخططاتهم تصب في هذين الاتجاهين، وكل خططهم التآمرية تخدم هذين الممنوعين، لأن هؤلاء الأعداء يدركون خطر قيام الوحدة العربية على مصالحهم في الوطن العربي، خاصة إذا تمكن هذا الوطن من بناء قوة عسكرية واحدة، واقتصاد عربي واحد، وهذا يفقدهم مواقعهم الاستعمارية ونفوذهم العسكري والسياسي لأن مثل هذه الوحدة سترفض التبعية وتحافظ على الاستقلال وسيادة وكرامة هذه الأمة كما أن الوحدة الاقتصادية العربية ستحرمهم من الأسواق العربية وتجعل من العرب قوة اقتصادية تنافس قوتهم التي يحاولون من خلالها بسط الهيمنة والسيطرة على هذه الأمة ولنا في صندوق النقد الدولي مثال على ذلك. هذه المخططات الاستعمارية الغربية – الصهيونية في منع الوحدة العربية لم تبدأ في ضرب وانفصال الوحدة بين سوريا ومصر، فقبلها كانت معاهدة سايكس بيكو التي قسمت الوطن العربي لمنع الوحدة وقبلها أيضا حاربوا جيوش محمد علي لأنه أراد الوحدة، وها هم اليوم يحاولون هدم وتحطيم أي صخرة وطنية يمكن البناء فوقها لوحدة عربية بعدما أدركوا أن معاهدة سايكس بيكو أصبحت عاجزة عن الصمود بوجه الإرادة الشعبية العربية في تحقيق حلم الوحدة، فبدأوا برسم خطط جديدة ولعل أهمها بالوقت الحاضر خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي بشر به وعمل لتنفيذه المجرم جورج بوش وتوني بلير عندما تم احتلال العراق عام 2003 ولعل الدستور العراقي الذي رسمه ووضعه الحاكم العسكري الأمريكي بعد الاحتلال للعراق – بريمر – والذي يقول إن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية خير دليل على محاولة ضرب أي وحدة عربية، وكذلك ما يجري الآن في العراق من تقسيم طائفي ومذهبي وعرقي وقومي وكذلك في بقية الأقطار العربية الأخرى خير دليل على ذلك فهم يريدون تفتيت وتقسيم الأمة العربية إلى مذاهب وعرقيات وطوائف لتتصارع فيما بينها وتصبح الوحدة العربية في مهب الريح، كل ذلك لخدمة مصالحهم، وخدمة الممنوع الثاني، وهو العدو الصهيوني الذي زرع في قلب الوطن العربي لمنع الوحدة العربية. هذه الحقائق أصبحت واضحة ولا تحتاج إلى شرح وتوضيح، لكن السؤال هل النظام الرسمي العربي عاجز عن فهم هذه الحقائق.. أم أنه مشارك مع أعداء الأمة العربية في خدمة هذين الممنوعين، الوحدة وأمن إسرائيل؟!