06 نوفمبر 2025

تسجيل

حصاد 35 سنة على ضفتي الخليج العربي

24 يناير 2016

إن التطورات التي تشهدها منطقتنا وما تمر به من تحولات عميقة يدفعنا للوقوف عند حصاد إيران على مدى 35 سنة الماضية وحتى إبرامها للاتفاق النووي، خصوصا أن هذه الفترة وما صاحبها من إنفاق وهدر على برامجها النووية والتسلح وإهمال للتنمية كانت بلا نتيجة، وبالتالي فإن ما نشهده من تصوير لانتصارات كبيرة ونزول الإيرانيين للشوارع لا يعدو كونه تنفيسا ونتيجة للحسرة والاحتقان الذي عاشه المجتمع الإيراني طيلة هذه السنوات الماضية، وتطلعه لمرحلة جديدة عنوانها التنمية والابتعاد عن سياسات العسكرة وتوجيه مقدرات الدولة وطاقاتها في جهود بعيدة عن التنمية وتحسين مستوى معيشة المواطن الإيراني الذي يتطلع للعيش كما يعيش جيرانه من رغد العيش في مدن عصرية تتباهى كل يوم ببناء يناطح السحاب ويحقق أرقاما قياسية فالمنافسة هي في البناء لا الهدم وفي التعمير لا التدمير فتدمير مقدرات المنطقة وخاصة في الفترة الأخيرة بلغ مستويات تفوق كل ما يمكن أن يتصوره إنسان وكل هذا لبناء أضغاث أحلام الإمبراطوريات القديمة والتي لم يعد لها مكان في هذا العصر والمكان، اليوم تقاس الأنظمة والأمم بما تقدم لشعوبها من كرامة وعزة ورغد العيش، أما المكابرات والتكبر فلم تعد مقياسا ولكن بعض الأمم لا تزال تعيش في مخيلة لا تمت لهذا العصر من قريب أو بعيد وبعد كل هذا الجهد الجهيد وحرمان المواطن الإيراني انتهى الموضوع بتفكيك المفاعلات وفرح الكل برضا أمريكا والتي كانت كل الشعارات في وسائل الإعلام هي "الموت لأمريكا" اليوم "رضا أمريكا كاف"، فكل مقدرات الشعب وأرواحه وإمكاناته لرضا أمريكا هكذا كان الثمن، أما الاقتصاد والبنية التحتية وخطوط الطيران والمواني والمطارات والشوارع وسكك الحديد والتعليم والصحة والأمن فهي فدى لأمريكا، وبالتالي فإن هذا الاتفاق أنهى هذا البرنامج النووي بنتيجة واحدة وهي إرضاء الغرب خاصة أمريكا، وهذا يعني ضياع 35 سنة من الجهود والأموال التي صرفها النظام الإيراني في مغامرات خارج الحدود وخطط وتوجهات توسعية، والنتيجة دمار في المنطقة وتخلف في إيران بشكل عام. اليوم المواطن الإيراني يتطلع لبنية متطورة إلى نظام تعليمي وصحي متقدم وإلى قطاع نقل متقدم من وسائل وبنية تحتية كالمطارات وخطوط الطيران على مستوى عالمي وإلى بنية تحتية في مجال النقل البري والبحري، وهذا يعني أنه خلال الفترة القادمة لابد لأي نظام إيراني مهما كانت طبيعته أن يركز جهوده في الداخل وتعويض الشعب الإيراني عن هذه الفترة الكبيرة الضائعة والتي خسر فيها الشعب عقود دون تنمية، في الوقت الذي يتم تصوير إنجازات الطرف المقابل في الخليج العربي دول الخليج في وسائل الإعلام الإيرانية وبعض وسائل الإعلام الدولية بأن هذه الفترة لم تكن مثمرة، لكن الحقائق على الأرض تثبت وبالأرقام والإنجازات عكس ذلك، إن دول الخليج العربي حققت إنجازات هائلة لخدمة شعوبها وتطورها، حيث إن دولنا الخليجية، اتجهت خلال هذه الفترة لدعم جهود التنمية والعمل على تنمية وتطوير بلداننا، حيث إن مستويات البنية التحتية اليوم في دولنا وصلت لمستويات تعتبر الأفضل عالميا وتم الاستثمار بقوة في القطاعات التي تخدم الإنسان مثل الصحة والتعليم، والاستثمار في البنية التحتية من مطارات وموانئ وشبكة طرق برية حديثة وكذلك في مجال السكك الحديدية، وتم رفع مستوى دخل المواطن الخليجي إلى أعلى مستوى دخل في العالم، اليوم كل العالم يتطلع للمنطقة لقيادة العالم وتتطلع بقية الأمم لشعوب المنطقة على أنها حققت ما لم تحققه أي دولة أخرى في الشرق أو الغرب ولذلك فهي تتطلع لحلول للعالم ولمنطقة الشرق الأوسط، والعالم العربي اليوم في أشد الإعجاب بالمنطقة وقدرتها على تحقيق أعلى مستويات التنمية وإذا ما قورن أي نظام إدارة في بلدان المنطقة يجب أن يقارن بما حقق من إنجازات في مجال التنمية وليس في قدرته على الخراب والهدم، وهذا دليل على أن المنطقة حققت نتائج مذهلة خلال 35 سنة الماضية، ومن هذه النتائج أن مطارات المنطقة هي أكثر المطارات إشغالا واستقطاب للمسافرين، وآخر الإحصاءات تشير إلى أن مطارات مثل مطار حمد الدولي ومطار دبي تجاوزت في الطاقة الاستيعابية مطار هيثرو بلندن والذي كان يتربع على عرش أكثر المطارات إشغالا في العالم. اليوم النتائج الحقيقية على الأرض تؤكد أن التوجهات الإستراتيجية لدول الخليج كانت تنموية بامتياز وهدفها خدمة مجتمعاتها وتطورها وكانت داعمة للوطن والمواطن، وكل الأنظمة يجب أن يكون مبرر وجودها هو خدمة المواطن، وبالتالي فمن المفروض أن يكون مقياس النجاح هو ما تقدمه الأنظمة لمواطنيها، واليوم أي شخص خير في الإقامة في إحدى ضفتي الخليج العربي، فإنه سيختار الإقامة والحياة في إحدى مدن دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها الإيرانيون أنفسهم وذلك نظرا للخدمات المتطورة، خصوصا أننا سنشهد خلال السنتين القادمتين استكمال مشاريع إستراتيجية وعملاقة في قطر مثلا مثل مشاريع القطارات وقطارات الأنفاق والربط الكهربائي في المنطقة والربط المائي، وكذلك ربط المواصلات بين دول المجلس خاصة في مجال السكك الحديدة. لذلك، المنطقة مقبلة خلال السنوات القادمة على تطورات هائلة ترفعها إلى مصاف الدول المتقدمة وهذا بشهادة أكبر المطورين العالميين وأكثر الناس خبرة ودراية، وفي الوقت الذي تتجه فيه الدول العربية للتنمية والانفتاح على العالم نتهم بالإرهاب، وفي الوقت الذي يتجه فيه الآخر لتطوير الأسلحة بأنواعها والبرامج النووية يقال إنه يسعى للسلم وهم متحضرون وغيره من الصفات الحميدة، أما العرب ومهما بذلوا من جهود في التنمية فإلصاق الإرهاب ومحاولات تشويه منجزاته في العالم ولدى شعوبه عمل قائم على قدم وساق، ولا يقف من قبل وسائل الإعلام العالمية، وواجبنا أن نطلع العالم على منجزاتنا ورسم الصورة الحقيقية لأهل المنطقة، حيث إن منطقتنا تتجه لأن تكون من أكثر الدول تقدما وحداثة، وهناك تحولات إستراتيجية بالمنطقة تخدم توجهاتنا ورؤيتنا المستقبلية، فالاقتصاد العالمي يمر بمنعطفات مصيرية وتطورات بنيوية خاصة في تحوله من اقتصاد تقليدي وصناعات تقليدية إلى صناعات حديثة ستحدث تحولات في الاقتصاد العالمي قد يحدث قطيعة مع البنى التقليدية والتي تعودت عليها الإنسانية، وتلك التطورات ستغير الأسس التي تكون عليها اقتصادات العالم من الطباعة ذات الأبعاد الثلاثية إلى النانو تكنولوجي إلى الروبوت إلى الحاسوب الكمي إلى الطاقة الذرية النظيفة وهي دمج ذرات الهيدروجين وغيرها من التقنيات مثل الإنترنت، وهذه كلها تحتاج لاستثمارات كبيرة وعلى مدى طويل. وعلى العموم هناك صياغة جديدة للتحالفات فرغبة الغرب الجامحة في الدخول للسوق الإيرانية واضحة ومطامعهم.