14 سبتمبر 2025
تسجيلاعتقد بأن قضية "التركيبة السكانية" اصبحت قضية الساعة في قطر، واسباب ذلك كثيرة، فالبلد تكاد تختنق بعدد الاجانب والوافدين بشكل غير مبرر، بسبب غياب التخطيط المدروس من جهة، وبسبب عدم وجود لجنة وطنية ذات بعد استراتيجي لدراسة احتياجات البلد من الاجانب والعمالة الوافدة وتوظيفها بالشكل الصحيح، وضعف هذا الاداء جعل الفوضى في التوظيف ومنح التأشيرات من الاسباب الرئيسية في اختلال التركيبة السكانية، وهو ما انعكس سلبا على اداء الموظفين ومنافسة الاجنبي للمواطن في البحث عن الوظيفة، مما جعل غير المواطن هو الرابح الأول من جراء هذه الفوضى في التركيبة السكانية التي لم نجد أي مسؤول يخرج عبر وسائل الاعلام المحلية ليحدد لنا ملامح السياسة السكانية المطلوبة مع الحد من الهجرة إلى قطر في هذه الايام بما يبرر ذلك!!.وفي كل تعداد يزداد عدد السكان في قطر، وتخرج علينا الإحصائيات بأرقام مخيفة تنبئ بمخاطر ليس لها حدود بسبب هذه الطفرة الكبيرة في تدفق الاجانب على قطر من الخارج وبشكل يقوم على الفوضى وعدم تقنين عملية توظيف هؤلاء، مع منح هؤلاء الرواتب العالية والخيالية وحرمان المواطن من ذلك بسبب الشروط التعجيزية التي يضعها الاجنبي عند القدوم للعمل في قطر وتنال الموافقة من قِبل من يقوم بتعيينه.** اختلال التركيبة السكانية:لعل غياب الدراسات المطلوبة للسياسة السكانية في قطر من الامور المهمة المغيبة عن الرأي العام حتى الآن، مع عدم وجود دراسات فصلية تقدم لنا الاسباب التي تقف وراء استقدام كل هذه الاعداد الكبيرة من العمالة الوافدة والاجانب الذين يتم توظيفهم بشكل غير مدروس، سواء كان ذلك في القطاع الحكومي وشبه الحكومي، أو في القطاع الخاص الذي يعج بالنسبة الأكبر، حيث يحرم المواطن من توظيفه في هذا القطاع أو يتم تهميشه أو محاربته لتطفيشه من العمل في هذا القطاع ليحل الأجنبي والوافد بدلا منه بشكل قسري، في ظل غياب الجهات الرقابية الحكومية التي لا تحرك ساكنا، فلا تقدم أو تؤخر في اتخاذ القرار تجاه هذه المسألة المهمة التي تسهم مساهمة كبيرة في ازدياد مخاطر التركيبة السكانية مع كل أسف!!.** البنية التحتية بحاجة للتوسعة:لقد أصبحت الحاجة تتطلب اليوم الالتفات إلى البنية التحتية وتحسين الخدمات وتوسعتها بما يخدم البلد، ويحق لنا التخطيط السليم والمدروس الذي يوفر كافة الخدمات للمواطنين والاجانب على السواء بما يحقق لهم الارتياح وحرية التنقل والاستفادة من كل تلك الخدمات بأريحية تامة دون خلل في الخطط والبرامج التي تقدم لهم. وهذه التوسعة تتطلب في المقام الاول التوسعة في الشوارع وتقليل الزحمة المرورية، وإيقاف التلاعب في استغلال مواقف المركبات والآليات في الأحياء السكنية والمجمعات و"المولات" بشكل استفزازي لا يخدم المجتمع بل ساهم في زيادة الأعباء على الدولة بشكل غير مقبول!!.** غياب دور اللجنة الدائمة للسكان:جاء تأسيس اللجنة بقرار من مجلس الوزراء الموقر في قطر سنة 2004 م، ولا اعرف لماذا غاب دورها في هذا التوقيت؟ رغم أننا بحاجة إلى أهمية دراساتها وتقديم التوصيات بشأن التخبط في سياسة التوظيف والتركيبة السكانية ومن ذلك توظيف القطريين والوافدين تحت مظلة سياسية واضحة، علما بأن اللجنة تختص بما هو آت: — دراسة التركيبة السكانية وتركيبة القوى العاملة وخصائصها واتجاهاتها. — دراسة مشاكل العمالة الوافدة، واقتراح الحلول المناسبة لها. — دراسة سياسات التوظيف الكامل لقوة العمل القطرية وتقطير الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص في إطار دراسة شاملة لتخطيط القوى العاملة بالدولة، بالتنسيق مع الجهات المختصة. — اقتراح السياسة السكانية للدولة، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية السكانية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. — إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالقضايا السكانية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية على الدولة. — إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات للمتغيرات الديموغرافية وبناء النماذج الديموغرافية الاقتصادية المناسبة للدولة. — تعزيز مبدأ الشراكة وتفعيل آليات التعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في إعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات السكانية. ـ الاستفادة من الخبرات والمساندة الفنية التي تقدمها المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية المتخصصة في مجال السكان. — التنسيق بين الوزارات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الإقليمية والعربية والدولية ذات العلاقة بالقضايا السكانية وبرامجها واستراتيجياتها. ـ المشاركة في المؤتمرات والندوات الإقليمية والعربية والدولية ذات العلاقة بالقضايا السكانية ومتابعة التوصيات الصادرة بشأنها. — دراسة المواضيع التي تحال إليها من الجهات المختصة، والتي تدخل ضمن اختصاصاتها.** اقتراح لجنة لدراسة احتياجات البلد:بات من الضروري أن تقوم الدولة اليوم بتشكيل لجنة استراتيجية وطنية تهدف إلى وضع الخطط والدراسات لمعرفة احتياجات البلد من العمالة الوافدة ومن الموظفين الاجانب الذين يتم استقدامهم بشكل غير مدروس وغير مفهوم في نفس الوقت، ومن أسمى واجبات هذه اللجنة القيام بدراسة الاحتياجات من الموظفين من الخارج قبل الاستقدام مع تقليص عددهم بشكل مدروس بما يعود على البلد بالمنفعة في المقام الاول. كما أن هذه اللجنة مطالبة بتحديد سقف محدد في الرواتب التي تمنح لهؤلاء الاجانب بهدف منع هدر المال العام وأموال الدولة التي تصرف بشكل فوضوي وغير مقنن، وهو ما ساهم في توظيف من هب ودب في كل القطاعات ومنها الحكومي والخاص على وجه الخصوص. كما ان وجود مثل هذه اللجنة سوف يسهم بشكل كبير في تقليل تدفق الوافدين وتقليل رواتبهم الخيالية مع العمل على إنهاء خدمات غير المنتجين منهم ومن لا يقدم أية فائدة للدولة، وهذه سمة قد تكون سائدة اليوم في العديد من الوزارات والمؤسسات وجامعات الدولة وبشكل يدعو للنظر في مثل هذه العمالة غير المنتجة أحيانا.** المال العام وخدمة الأجيال:لعلنا في الختام نؤكد على أهمية "المال العام" وضرورة المحافظة عليه من الضياع، لأن الفساد صورة من صور هذا الهدر، مع الاستفادة من الدخل القومي قدر الإمكان لخدمة الاجيال كما يقول أحد المفكرين: "تسعى جميع دول العالم المتقدم بكافة الوسائل للحفاظ على المال العام وتضع في سبيل ذلك الأنظمة والقوانين التي تضمن تحقيق هذا الهدف بالإضافة إلى عمل الدول بمنهجية وأهداف واضحة للاستفادة القصوى والصحيحة من الدخل العام الذي يأتي من الإيرادات المالية للدولة والتي هي ملك لجميع أبناء الشعب ليستفيدوا منه في تطوير وتنمية بلادهم".ويضيف:"إننا مطالبون حكومة وشعباً بإعادة النظر في الحفاظ على اقتصادنا الوطني ومراعاة حماية المال العام والذي هو مكسب للبلاد وثروة توجد حالياً معنا ولكن لا نعرف المستقبل وما هي الظروف الاقتصادية القادمة على المستوى المحلي أو العالمي خصوصاً وأن هذا الدخل المالي هو رصيد للشعب جميعاً ولأجيالنا القادمة".** كلمة أخيرة:رؤية قطر الوطنية 2030 ما تزال بعيدة كل البعد عن التطبيق فيما يتعلق بالتنمية البشرية الحقيقية وبخاصة للسكان، عبر فرض التقطير في التوظيف قبل التهافت على توظيف الوافدين من الخارج في ظل الفوضى بمنح التأشيرات بشكل عشوائي وغير مدروس وهو ما يتسبب في هدر المال العام!!.